What made me read this book is a simple quote that I have seen on instagram: “I don't ask you to love**spoiler alert** العربي في الاسفل
١٨ اكتوبر ٢٠٢١
What made me read this book is a simple quote that I have seen on instagram: “I don't ask you to love me always like this, but I ask you to remember. Somewhere inside me there'll always be the person I am to-night.” and I thought, a book with such a quote can't be bad, if not great it will be just fine. Well, it was a great read for me.
I have just finished the book today, I read an Arabic translation of the version arranged by Malcolm Cowley. Later on I read about the history of the book and came to know the other possibility of chapter orders , however I felt that the version I read had the best possible order, it worked for me very well, with the opening chapter about the beginning of the relation between Dick and Nicole Diver.
It got my attention from the beginning with that hard question that Dick had to face, to follow his heart and emotions toward the sick girl, or to stick to sense and reason and stay away from her, to chase his promising career. He probably thought that he can get both when he finally said yes to her family offer. I liked that inner fight inside him in that first section of the book, when he was like taking a step away and another close to her. Trying to decide his fate.
At the last sections of the book when he was expressing feelings of loss, I wondered wether he would be capable of making a different choice had he had the chance, and if time goes back. I thought he had true feelings for Nicole, he was not only after he money, however, it's a sad story of "love [and money] is [are] not enough."
The story moves fast over the first years of marriage and love, and it start rolling out from the Rosemary entrance into their life, but I wonder, what went wrong that made it possible for her entrance to start the ship sinking.
Nicole appeared as a loving wife and mother, a good hostess, except for a scene during the end of summer party, and for the later scene with the blood and murder thing, I though she has right to breakdown, but other than that, did the book show - in it's first half - why Nicole was a pain? There was a scene in which Dick playing piano, and he thought that Nicole will think he is thinking of Rosemary because of the music he is playing, so he switched the song to something else, and at that moment he felt locked, as he can’t even play whatever music he want. I thought this is a metaphor of life with an ill person that require care all the time, including being sensitive over what thoughts music could bring to them.
At the final chapters there was that talk, Nicole asking Dick if he think she is the reason behind his deterioration, and he doesn’t say no. But I thought, based on his drama with Rosemary, it could be exactly that what drove Nicole crazy, his capability to attract other women, his infidelity and romance games, it could be him, who was behind her deterioration.
Dick didn’t seem to achieve anything significant as a doctor. Even after he left Nicole. Was it too late? (possible). Would he be able to achieve anything had he chosen the other path, the one that doesn’t involve Nicole. I’m not sure he would.
The story makes me think of the brilliance of youth, the time when everything is possible, love, friendship, and careers success, and how sometimes we get ourselves into side tracks to what we want to achieve in life, thinking we are working on our projects, but really we are locked like Dick, and when times come and we decide to give ourselves the freedom to go chase our old dreams, it’s too late.
قرأت اقتباسا صدفة على انستغرام، وعرفت أني أريد قراءة هذه الرواية.
”I don't ask you to love me always like this, but I ask you to remember. Somewhere inside me there'll always be the person I am to-night.” ”كانا لا يزالان في المرحلة الأشد سعادة من الحب. كان كل منهما ممتلئا بالأوهام الجريئة حول الاخر، بأوهام هائلة، بحيث أن اجتماع نفس مع نفس بدا على أرض لا تهم فيها أي علاقات إنسانية أخرى. بدا أن كل منهما قد وصل إلى هناك ببراءة خارقة، وكأن سلسلة من الحوادث الصرف قد دفعتهما معا، حوادث عديدة بحيث أنهما أجبرا على استنتاج أن كل منهما قد ولد من أجل الاخر.“- ص ١٩١
تقول الخبرة، أن بعض الاقتباسات خادعة، أن هذه الجمل الفريدة، قد تكون شيء استثنائي في الرواية. لكني كنت متصالحة مع الفكرة، أن هذه الجملة قد تكون أجمل شيء في الرواية. وعلى أية حال، إن قراءة جملة واحدة جيدة قد تكون كافية في نهاية اليوم. وأخيرا، رفعت الأمل قليلا، لأن من يستطيع أن يكتب هذا فعلى الأرجح أنه لن يكتب رواية سيئة. قد لا تكون عظيمة، لكنها لن تكون سيئة. حسنا، لم تكن سيئة. كانت رائعة.
تفتتح الرواية جزئها الأول لتخبرنا كيف تعارف ديك دايفر، الطبيب الشاب ذو المستقبل اللامع، ونيكول، الشابة الجميلة والمريضة في مصحة نفسية، تتعالج من الفصام. شدتني الرواية من البداية، بذلك الصراع الذي احتدام في داخل ديك، بين عاطفة الحب التي تجذبه إلى نيكول الجميلة، وعقله والمنطق ونصح الأصدقاء الذي يدفعه بعيدا عنها، ليولي اهتمامه لمستقبله المهني. بدا أن ديك تردد وصارع، وأمكنني تخيل أنه كان سيندم حقا، لو أنه فعل أي شيء آخر، بخلاف الاستجابة لقلبه. لكنه تمكن من احراز صفقة مُرضية لعقله أيضا، حين وافق على عرض أسرة نيكول الثرية، التي كانت تبحث عن طبيب ليتزوج ابنتهم، ويرعاها بقية حياتها. إن بقية الحكاية هي عن تداعيات قراره هذا على حياته ذاتها، خلال السنوات الطويلة التي تلته.
تنتقل الرواية بسرعة إلى بعد ذلك بسنوات، لنرى الزوجين آل دايفر في حياتهما على شاطيء ريفيرا الفرنسية، حيث يرعيان فندقا صيفيا ويحيطان أنفسهما برفقة من الامريكيين. يبدو كل شيء على ما يرام في حياة الزوجين الشابين المحبين، تبدو نيكول زوجة وأم محبوبة، وديك ذو الجاذبية العالية والمحبوب من الجميع، ليس من أثر تقريبا لمرضها، تقريبا. ثم تظهر روزماري، الفتاة المراهقة نجمة السينما الصاعدة، ويبدأ مركب آل دايفر بالتأرجح. تنطلق الرواية عبر تفاصيل الأحداث في فترات زمنية محددة تشكل منعطفات العلاقة، ثم بقفزات عبر السنوات، لتعكس حياة الزوجين، كيف أثرت العلاقة بروزماري عليها، ونرى ملامح من المسكوت عنه في علاقتهما. في أحد المشاهد يبدأ ديك بعزف لحن أغنية على البيانو في بيته، ثم ينتبه إلى أن نيكول تسمعه، وأنها ستفكر أن هذا اللحن يشير إلى أنه يفكر بروزماري، فيقوم بتغيير العزف إلى لحن مختلف.
"بهدف شفائها، كان منذ سنوات يتظاهر بالتزامه الشديد بالمنزل الذي كان يبتعد عنه، وأصبح التظاهر أكثر حدة من خلال ذلك الجمود(..) وعندما لم يعد في استطاعة ديك أن يعزف على البيانو ما يريد عزفه، كان ذلك إشارة إلى أن حياته تختزل إلى لاشيء.“
لقد بدا أن ديك، الذي لم يتطور ويتألق مهنيا كثيرا، كما كان مؤملا أن يحدث، صار محبوسا في قمقم زواجه. وبدا تائقا إلى الهروب من هذا القفص. لكن القصة تأخذك في مزيد من الشد والجذب، بين رغبته في الحفاظ على محبة نيكول، ورغبته في الانجراف خلف عواطفه.
تبدو لي هذه قصة حزينة عن كون ”الحب لا يكفي“ وحتى عندما يكون ”الحب والمال معا“ فهما لم يكونا كافيان. كان ثمة شيء مفقود جعل ديك يعيش شعورا بالحصار، تواقا للهرب. لكنه أيضا، بقي متمسكا لأطول وقت ممكن بالقارب، هناك حيث ”في داخلها لا يزال الشخص الذي أحبه تلك الليلة.“ إلا أن تمسكه بالوجود جسدا، دون الروح، قاده إلى انحدار حزين. في الفصول الأخيرة، تسأل نيكول ديك إن كان يجدها السبب في الدمار الذي حل به، ولا يقول لا. كما لو أنه يؤكد أنها المُلامة. بدت لي نيكول شديدة العقلانية في المرحلة الأخيرة، بخلاف ديك ذاته. وشعرتُ أنه الملام على لحظات انهيارها العقلاني. ربما كانت روزماري ليست سوى نموذجا من المرات التي مارس فيها تسلية عاطفية خارج الزواج، قادت الزوجة إلى الانهيار. أو يمكن القول، أن كليهما اشترك في تدمير الآخر، بطريقته.
مشاهد الرواية رائعة حين تصف الاكتشافات النفسية لأبطالها، اكتشافاتهم لأنفسهم وعواطفهم تجاه الآخر، توقهم الحبيس بداخل صدورهم إلى رغبات وحريات لا يستطيعون الوصول إليها. هناك كل شيء في هذه الرواية، الوصف الخارجي للمكان والظروف، والمحيط، والوصف الداخلي للشخصيات، وهناك الحوار الذي يتقاطع مع كل هذا.
هذه الرواية تجعلني أفكر بألق الشباب، حين يكون كل شيء ممكنا، الحب والصداقات والنجاح المهني. لكننا قد نغامر بأخذ طرق فرعية، مقنعين أنفسنا أنها طرق تصلنا إلى الأهداف التي نسعى لها، ونبقى عالقين فيها، ثم حين نمنح أنفسنا الحرية أخيرا، يكون الشباب قد مضى، والوقت قد فات.
التقاطع بين هذه القصة والقصة الشخصية لفيتزجيرالد مدهش، وأكثر ما فيه دهشة، قدرة فيتزجيرالد على تشخيص ووصف حالته بهذه المهارة والدقة، دون القدرة على تغيير شيء فيها. يقول غلاف الرواية ”لقد اكتسب الحكمة المريرة من التجربة، لكنه لم يستطع اعادة استخدامها، إلا في كتاباته.“
أحببت هذه الرواية كثيرا، والترجمة كانت ممتازة. ...more
كتاب لطيف جدا ومكتوب بلغة بسيطة ولكنها حميمة وانسانية جدا، كما هو لائق بمذكرات شخصية لموظف على شفا التقاعد. ظننت في البداية ان الكتاب سيكون عاديا وانه كتاب لطيف جدا ومكتوب بلغة بسيطة ولكنها حميمة وانسانية جدا، كما هو لائق بمذكرات شخصية لموظف على شفا التقاعد. ظننت في البداية ان الكتاب سيكون عاديا وانه لن يدهشني، ماذا يمكن لموظف على شفا التقاعد ان يقول سوى ان يتذمر لاقترابه من نهاية الحياة العملية دون ان ينجز شيئاً، لكن هذا السرد للتقلبات والاكتشافات العاطفية لهذا الرجل، صراحته المرتبكة أحياناً، فهو يكتب لنفسه، مدهش حقاً، وانتهيت إلى أن أحبه. إنه يعيد اكتشاف الحب، ودراسة علاقاته بتأن، ويثير فيّ حنين إلى أشياء لا أعرفها، وأحببت تأملاته.
أما معنى العنوان: الهدنة، فكان علي أن أصل إلى نهاية الكتاب لأكشف مغزاه، وحري بكم أن تفعلوا المثل. يستحق القراءة....more
كتاب تأريخ قيّم جدا على صعيد المعلومات التاريخية وتحديد المفاهيم. أعترف بأن الكثير مما طرحه من معلومات كان جديدا التطهير العرقي في فلسطين
٢٧ مايو ٢٠٢١
كتاب تأريخ قيّم جدا على صعيد المعلومات التاريخية وتحديد المفاهيم. أعترف بأن الكثير مما طرحه من معلومات كان جديدا بالنسبة لي.
في هذا الكتاب، يطرح إيلان بابيه مفهوم التطهير العرقي، وكيف ينطبق هذا المفهوم على ما فعله الصهاينة في فلسطين (ولا يزالون يفعلونه). ثم يذهب بطيئا في التاريخ منذ أيام الانتداب البريطاني وبدايات الهجرة الصهيونية ليذكر بالتفصيل الخطوات التي قام بها الصهيانة لتنفيذ خطتهم، بتهجير الفلسطينيين من أرضهم عبر منهاج من جرائم وحشية تضمنت القتل والتدمير ومحو القرى من أساس وجودها، من أجل إنشاء دولة يهودية. يستند الكاتب إلى وثائق رسمية ومراسلات ومذكرات من أطراف متفرقة، البريطانيين، الصهاينة والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، بالإضافة إلى ما تم توثيقه من شهادات شفهية للضحايا. هناك الكثير من الفصول الموجعة لجرائم مرعبة تعرض لها الشعب الفلسطيني.
ويتحدث الكاتب أيضا، وبصورة مباشرة، عن كيف حدثت كل تلك الجرائم بحضور مراقبين وشهود دوليين (الانتداب البريطاني أولا، ثم مراقبين الامم المتحدة، وحتى القيادات العربية) وكيف سمحوا بمرور تلك الجرائم وتراوحت ردات فعلهم بين إشاحة الوجه عنها، أو القيام بمظاهر شكلية وغير جادة لإيقافها. وأيضا، يتحدث عن الخيانة العربية، مسميا الأسماء، والتواريخ والتفاصيل، في مقاطع مثيرة للغضب، عن ”الحرب المزيفة“ التي لم يكن هدفها تحرير فلسطين بقدر ما هدفت لإقتطاع حصة من الكيكة.
الكتاب حافل ولا يمكن تلخيصه، ولكن هذه بعض النقاط المهمة التي أكتفي بتدوينها هنا.
التطهير العرقي والنكبة لم تبدأ فعليا منذ مايو ١٩٤٨، بل سبقت ذلك التاريخ، منذ نهاية العام ١٩٤٧ (فترة انتداب بريطاني) حين تعرضت أول قرى الفلسطينيين لإغارات التطهير، وامتدت إلى أواخر ١٩٤٩. إنها سنوات طويلة من الجرائم الصهيونية والصمت الدولي.
أن يكون هناك الكثير من الوثائق والشهود الدوليين لهذه الجرائم، ولا يُنصف ضحاياها، بل وأشد من ذلك، يمضي العالم بإتجاه نسيان وإنكار النكبة، أو تجاوزها كما لو كانت جرحا في إصبع من أجل ”عملية السلام“ الخ، هذا تعامي وتواطؤ دولي في الجريمة. إنه إشارة صارخة لعدم عدالة هذا العالم.
التطهير الذي يصفه الكاتب لا يزال مستمرا، وإن كان يأخذ شكلا أكثر ”تحضّرا“ في عالم اليوم، كما يحدث في القدس هذه الأيام. يترافق ذلك مع العمل المستمر لمحو ذاكرة النكبة وصناعة ذاكرة جديدة. الفصول التي تحدث فيها الكاتب عن تغيير هوية الأرض جغرافيا وثقافيا، والغابات الشاسعة التي زرعوها فوق القرى الممسوحة لطمس كل أثر وتاريخ لها، كانت مذهلة.
يصف الكتاب في العديد من منعطفات خطة التطهير العرقي كيف استثمر الصهاينة ذكرى الهولوكوست لصالح تمرير جرائمهم، في عالم دولي جبان ومجلل بخزي جريمته السابقة، حتى أنه يتواطأ بغض نظره عن جرائم الصهاينة، والحذر في توجيه النقد لهم بسبب ما مروا به. ومن الجهة الأخرى يصف الكتاب أيضا كيف تجنب الصهاينة في سنوات النكبة تلك كل ما يمكن أن يربط بين ما جرى لليهود على يد النازية وما يقومون به تجاه الفلسطينيين (وهو متشابه جدا!)، حتى أنهم دفعوا بإتجاه انشاء وكالة مستقلة للاجئين الفلسطينيين لكي لا تكون منظمة اللاجئين الدولية ذاتها التي دافعت عن اليهود سابقا، هي المدافعة عن نفس الحق للفلسطينيين.
أعتقد أن الكاتب رغم كونه اسرائيلا بدا منصفا ومتحيزا فقط لموضوعه وأطروحته، وسعيه لإثبات حدوث جريمة التطهير العرقي في فلسطين، متشبثا بفكرة أن الوصول إلى حل للمشكلة القائمة، يبدأ بالاعتراف بوقوع الجريمة، تسميتها التسمية الصحيحة، والبدء بإنصاف الضحايا.
هذه هي القراءة الثانية للرواية، وقد مرت سنوات عديدة منذ القراءة الأولى ولم يتبق منها إلا أثر باهت لمتعة قديمة.
الرواسرد أحداث موت معلن
٣٠ ديسمبر ٢٠٢١
هذه هي القراءة الثانية للرواية، وقد مرت سنوات عديدة منذ القراءة الأولى ولم يتبق منها إلا أثر باهت لمتعة قديمة.
الرواية تقبض على القاريء منذ سطورها الأولى، التي تشترك مع العنوان في إعلان النهاية الحتمية لمصير بطل القصة، إذ سيُقتل. ما الذي يبقى من القصة إذن إذا أعلنت النهاية؟ وكيف ستحتفظ بتشويق القاريء؟ الرواية هي الجواب. ربما وقد علمنا بالنهاية، ينصرف انشغالنا عن ”ماذا سيحدث بعد ذلك؟“ إلى ”ما الذي يحدث الآن؟“ وهكذا تصير كل لحظة تقود إلى النهاية ذات أهمية، وكل لحظة تمنح أملا، إضاءة، على المسار الذي يمكن أن تسير فيه الأحداث لتصل لتلك النتيجة. وبالطبع تبدأ الأحداث من مسار بهيج، معاكس للنهاية، مسار العرس، مسار الصباح الجميل والمزاج الطيب، والاستعداد لإستقبال المطران، قبل أن تنعطف تندريجيا حتى تصل إلي الجثة الدامية.
تقول هذه القصة، الريبورتاج الصحفي المميز بدرجة عالية من الإثارة، أن من الممكن أن ينتشر خبر علني عن نية قتل إنسان، وبالكاد يفعل أي أحد أي شيء لإيقاف الجريمة. بل أنها لا تُحتسب جريمة في النهاية، ويخرج القتلة أبرياء. وهكذا ينضم القانون أيضا إلى قائمة غير الممانعين للقتل الذي حدث. بل و يبدو أن القتلة -من إعلانهم واشهارهم نواياهم أمام الجميع- إنما أرادوا أن يوقفهم أحد، لكن في بلدة كاملة حيث انتشر الخبر، وكان هناك عشرات الشهود، فإن أحدا لم ينجح في عرقلة هذا الموت، والقلة الذين أرادوا لم يوفقوا.
يمكن لهذه القصة أيضا أن تبدو كخبر إعدام. حين يشهد المجتمع، مسددا بقرار قانوني، إعدام إنسان. لكن بخلاف المحكومين بالإعدام، لم يعرف سانتياغو نصار أن عليه حكما بالإعدام. يضيف ماركيز بُعدا للإثارة في هذه القصة. بجعل ضحيته ”كالأطرش في الزفة“، فهو الوحيد الذي جهل نوايا قتله، حتى اللحظة الأخيرة. وبهذا لم يكن بإمكانه أخذ الحذر.
إن إجتماع كل هؤلاء الناس في الفشل في منع القتل، بعضهم مدفوع بنوايا تقصد الأذى، وبعضهم مستهتر بالخبر ومستخف بنوايا القتل حتى مع مشاهدة سكاكين الذبح، وبعضهم بكل بساطة منشغل، يجعلني أتساءل إن كان سانتياغو شخصية بغيضة بحيث لا يفعل المرء المستحيل لإنقاذه. تقول الرواية شيئا عن شخصيته، يبدو أن لديه بعض الأصدقاء الذين أحبوه وحزنوا لأجله، وهناك الكثيرين ممن لم يصدقوا ذنبه الذي قُتل لأجله، لكن الخادمة في بيته لن تقف في صفه، وتلك السمعة التي أمتلكها بعد أبيه، بأن لا تمر فتاة بين يديه دون أن يفتضها، تكشف عن جانب مظلم من شخصيته. لا تذهب الرواية بعيدا في ذلك الجانب. تبقى كقاريء أمام المشهد الكثيف بتضافر الموت على إنسان لم يتسن له فرصة للدفاع عن نفسه، أو الحصول على محكمة عادلة. وإن كان يمكن أيضا التساؤل، ما إذا كان سيملك فرصة حتى لو وقف حيا في تلك المحكمة، أمام هؤلاء الناس الذين احتشدوا لرؤيته يتخبط في دمه دون أن يمدوا يدا لإيقاف المذبحة.
لقد كان سنتياغو نصار محكوما بالإعدام. لكن الحكم صدر من أفراد دون محاكمة، وجرى التنفيذ عبر تطبيق العدالة الشخصية، ثم صادق القانون الرسمي على ما جرى. إنها فوضى مثيرة للحزن، أيا كان الضحية.
في تقدمه البطيء نحو حتفه، تبقى مترقبا إن كان سيحظى بفرصة، إن كان أحد في هذه البلدة سيفعل شيئا، تراقب كيف تلتف خيوط القدر، بكل مصادفة ممكنة، لتقوده إلى النهاية في الصفحة الأخيرة. الرواية قصيرة، ومحبوكة ببراعة، ليكون كل شخص في المكان المناسب في الوقت المناسب ليموت هذا الرجل. ...more
”في حياة كل منا قصة هجر بلا سبب.“ يقول أورهان باموق في كتابه الأسود. وهذه قصة أخرى عن الهجر. رواية رائعة وبديعة ومؤثرة، أردت أن أتأكد أنيأيام الهجران
”في حياة كل منا قصة هجر بلا سبب.“ يقول أورهان باموق في كتابه الأسود. وهذه قصة أخرى عن الهجر. رواية رائعة وبديعة ومؤثرة، أردت أن أتأكد أني أقرأ كل كلمة فيها ولا تفوتني منها جملة.
إنها قصة تعامل أولغا، الأم الشابة بطفلين صغيرين، مع هجر زوجها لها ليذهب لإمرأة أخرى. هل تبدو قصة مكررة؟ ربما، إلى أن تبدأ القراءة، وتكتشف الفرق في عرض القصة وفي شخصية أولغا وتعاملها مع الحدث بالذات.
القصة تذهب بتدرج بطيء في المراحل المختلفة التي تعاملت بها أولغا مع الهجر، وتأثيره بها، بدئا من الإنكار، واعتبار الهجر مؤقت وسرعان ما ينتهي، مرورا بكبت غضبها وحزنها لتحتفظ بالعقلانية والهدوء، ثم الإنفجار العاطفي، والإنحدار البطيء والمؤلم نحو هاوية إمرأة حطمها الهجران وتركها غير قادرة على الانتباه لواقعها، مشوشة، ذاهلة، ونائية عن نفسها بل وعن أمومتها، إلى أن تكتمل التجربة.
في أدنى مراحلها نجد إيلينا تعيش في ذاكرة أخرى، ذاكرة يسيطر عليها شبح زوجها، وشبح امرأة بائسة عرفتها في طفولتها، وعرفت عنها تجربة هجر قاسية، وفيما كانت تحاول جاهدة أن لا تصير مثل تلك المرأة، كان يبدو أن هذا بالضبط ما يحدث لها. ”فنحن نحمل في رأسنا حتى الممات الأحياء والموتى.“
تبدو إيلينا بارعة في رسم تفاصيل التغيرات الخارجية والداخلية، المشاعر والأفكار والكلمات المنطوقة وأعراض الجسد، التي تمر بها إيلينا في كل مرحلة، والصراع الذي تخوضه ضد الإنحدار، قوية في البداية، أضعف لاحقا، يبدو كل هذا واضحا، نوبات الشرود التي تتناوب مع الوعي، وتختلف في سطوتها في كل مرحلة. إيلينا التي ليست فقط زوجة مهجورة، بل أم، لكن الألم عبث حتى بمشاعر أمومتها، وكان على الأم في داخلها أن تصارع لتعود.
الرواية ذات وتيرة سريعة، وهي ترسم ملامح فترة زمنية قصيرة نسبيا، ولا تخلو من التشويق في مشاهد انقلاب مصيري. الترجمة رائعة أيضا.
استطراد:
”كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة“، افتتاحية آنا كارنينا، توليستوي.
ربما يجب أن أخصص رفا في المكتبة لروايات الهجران. قرأت عددا منها، ويمكنني القول أن لكل واحدة منها خصوصيتها، واختلافها وتميزها. أتذكر منها: عشق بسيط / آني أرنو، لا ملائكة ولا قديسون / إيفان كليما، الانفصال / سيلفيا آرازي، والرواية الأخيرة التي قرأتها: أيام الهجران / إيلينا فيرانتي. وأتذكر أيضا حالة الزوجة التي اختفى زوجها (اعتقال) في رواية هشام مطر (في بلد الرجال) ، وغالب الذي هجرته زوجته في الكتاب الأسود لأورهان باموك.
رغم أنها تبدو القصة ذاتها في المستوى العلوي (رجل يهجر امرأة غالبا، أحيانا العكس)، لكنها تختلف في التفاصيل. يمكنني القول أن الابداع والبراعة ذات تأثير مهم في معالجة قصة معادة ومتكررة واخراجها بخصوصية جديدة تحرز مكانها في ذاكرة الأدب، لكن الأمر أيضا هو أن ما نسميه قصصا متكررة في الحياة هو تسطيح لحقيقة أن الناس ذوي شخصيات متباينة واذا مروا بنفس التجارب لا يخضعون لذات ردات الفعل ولا يتفاعلون معها بذات الطريقة. لكل شخص خلفيته وتجربته التي تؤثر في طريقة تفاعله مع الحدث الجديد في حياته. الحقيقة أن لا قصص تتشابه إلى أدق تفاصيلها. الحياة شديدة الغنى والتنوع، لمن يتأمل في التفاصيل.
اقتباسات:
”أولغا تخاف الحركة المحمومة. تخشى أن تهاجر الحاجة إلى رد فعل سريع، كالخطوات السريعة والحركات السريعة، إلى دماغها، وهي لا تطيق الضوضاء الداخلية التي تبدأ عندها بمداهمتها، فيروح الصدغان ينبضان، ويلم غثيان بمعدتها، وتتعرق عرقا باردا، ويتملكها هوس بأن تضاعف سرعتها باستمرار، باستمرار. لذا، لا للعجلة. هدوء، ومشية متروية، لا بل خاملة. عدت لتثبيت الملقط الذي يعض ذراعي، لأحث نفسي على التخلي عن ذاك الشخص الثالث، أولغا التي تريد أن تركض وتعود إلى أناها، أنا التي أذهب إلى الباب المصفح، أنا التي أعرف من أنا، وأسيطر على ما أقوم به.“
”لو رحلت عن ذاك المكان، عن انفعالاتي السرية، لربما فهمت على نحو أفضل لماذا مضى، ولماذا أشعر الآن أنا، أنا التي آثرت دائما ترتيب عواطفنا المستقر على فوضى الدم بين الفينة والأخرى، بحسرة الفقدان العنيفة، بألم لا يطاق، وقلق أن أهوي خارج نسيج الثوابت، وأن أجبر على إعادة تعلم الحياة من غير أن أكون واثقة من قدرتي على ذلك.“
”كنت أريد ثقة الأيام العادية المسطحة، على الرغم من أنني كنت أعلم تماما أن حركة محمومة تتجه إلى الأعلى كانت مستمرة في جسدي، أو اضطرابا كما لو رأيت في قعر حفرة حشرة بغيضة سامة، وما يزال كل جزء مني ينسحب وأنا أحرك ذراعي، ويدي، وأنا أسدد الركلات.“...more
هذا أحد أفضل كتب المختارات التي قرأتها، اختيارا وترتيبا وترجمة أيضا.
الكتاب عبارة عن مقاطع مختارة من رسائل ونصوص كتبها فيتزجيرالد متحدثا عن الكتابة بشكهذا أحد أفضل كتب المختارات التي قرأتها، اختيارا وترتيبا وترجمة أيضا.
الكتاب عبارة عن مقاطع مختارة من رسائل ونصوص كتبها فيتزجيرالد متحدثا عن الكتابة بشكل عام، وعن كتابته لرواياته وقصصه بشكل خاص. المقاطع مرتبة موضوعيا (الكاتب، الكتابة، الشخصيات، النقد، النشر، الخ) ومنسقة بحيث تشعر بالتناسق والتكامل بينها رغم كونها من مصادر مختلفة.
أحببت هذا الكتاب ووجدت أفكار فيتزجيرالد مُلهمة. يُقرأ ببطء وتأمل. الترجمة ممتازة. ...more
استمتعت كثيرا بقراءة هذا الكتاب، كانت رفقة حميمة مع ستيفن كينغ. والحق اني استمتعت بالكتاب أكثر مما توقعت ومع كوني لست من محبي قراءة أدب الرعب أو الخيااستمتعت كثيرا بقراءة هذا الكتاب، كانت رفقة حميمة مع ستيفن كينغ. والحق اني استمتعت بالكتاب أكثر مما توقعت ومع كوني لست من محبي قراءة أدب الرعب أو الخيال الذي يكتبه ستيفن، لكن ذلك لم يقلل من قيمة الكتاب بالنسبة لي، في النهاية ستيفن كاتب مبدع وحقق نجاحه.
الكتاب في شقين، الأول سيرة ذاتية يصحبنا فيها منذ طفولته وحتى بلوغه مرتبة الكاتب المحترف. والشق الثاني هو نصائحه في الكتابة. كلا الشقين حافل وغني وممتع، أدهشني الحس الساخر للغاية، ومن الواضح أن ستيفن عاش حياة حافلة بالحوادث، لكنه صاغ منها قصصا بدلا من النحيب. (وهذا لا يعني ان قصصه هي من سيرته المباشرة، لكن شراراتها ربما تكون كذلك).
الفصل الأخير الذي يتحدث فيه عن الحادث الذي أوشك على تغيير مسار حياته مؤثر ومُلهم، كما هو الكتاب.
سمعت عن الفيلم قبل الرواية قبل وقت طويل، وفكرت: فيلم لا يحدث فيه شيء سوى الحوارات الطويلة قد يكون مملا. لكن التجربة منذ ذلك الوقت تقول ان الاعمال القاسمعت عن الفيلم قبل الرواية قبل وقت طويل، وفكرت: فيلم لا يحدث فيه شيء سوى الحوارات الطويلة قد يكون مملا. لكن التجربة منذ ذلك الوقت تقول ان الاعمال القائمة على مشهد واحد او مشاهد قليلة ومركزة على ان تنمو من خلال الحوار (الداخلي او الخارجي) يمكنها ان تكون حقا عظيمة، كما هو الحال مع حجر الصبر، وفيلم phone booth وهذه الرواية.
لا يبدو انه يحدث شيء حقا في (عندما يبكي نيتشه). المشاهد/او مواقع الحدث معدودة ولا تتعدى مكتب الدكتور بروير، منزله، او مكان اقامة نيتشه. وكل ما يحدث دائما هو حوار شخصين، في تسعين بالمئة من الرواية كانا د.بروير ونيتشه. ظاهريا لا يحدث شيء سوى الحديث حتى ان الشخصيتين تذمرتا في اكثر من مرة (نحن لا نتقدم). لكن التغير بدا أخيرا واضحا. إن الحدث كان على صعيد ذهنية التفكير، الشخصية، العلاقة التي تنمو أعمق بينهما فينتقلان من مرحلة التخاطب بالالقاب الى مناداة بعضهما ب "صديقي"، والعلاج الذي تقدم ببطء لكنه تقدم.
العقدة التي بقيت تشد حلقة الاثارة في الرواية هي محاولة علاج مريض لا يعترف بمرضه ولا يريد العلاج. تعطينا الرواية بعض خيوطها حين يحمل نيتشه مسمى المريض و بروير مسمى الطبيب، ولكننا سرعان ما نكتشف انه ليس الوحيد الذي لا يعترف بحاجته للعلاج. لقد كانت هناك ثنائية بين الرجلين تشدهما الى بعضهما، الانكار ابقاهما مشدودين، والاعتراف الذي وصلا له متأخرين قرّبهما أكثر.
ولكن مشكلة كلاهما ليست فردية حقا. الشغف غير القابل للسيطرة، الذي ينخر روحيهما قادهما عبر حوارات مثيرة وشيقة حول هدف الانسان، الموت والحياة والحب والقوة والسيطرة والعلاقات، قادهما في رحلة بحث عن مخاوفهما الأعمق، عن كوامن اسباب القلق والاضطراب، عن الحرية الفردية وعن الاختيار، عن ان تكون الشخص الذي اردت ان تكون، عن الوحدة والارتباط، عن التضحيات، عن ان تحب قدرك، عن ان تعيش الحياة، هذه الحياة، مرات متكررة الى الابد. كل هذا يتقاطع بسهولة مع القاريء ويجعله الطرف الثالث في رحلة العلاج هذه.
كنت اظن ان د.بروير شخصية متخيلة لكني بعد قراءة كلمة الكاتب في نهاية الرواية عرفت انه شخصية حقيقية كمعظم شخصيات الرواية، وانه كان بالفعل ضمن خطة لعلاج نيتشه الا انها لم تحدث ولم يلتق الرجلان ابدا. يكتب يالوم هذه الرواية لتكون التاريخ المتخيل لما كان يمكن أن يحدث ويتغير بداخل رجلين عاشا في ذات العصر وشغفا بالانسان والنفس فيما لو التقيا وانضما لرحلة علاج نفسي مشتركة. وهو يتصور الظهور الاول للعلاج النفسي من خلال الحديث (عوضا عن الصعق الكهربي والمساج الذين كانا معروفين في ذلك الوقت).
رواية فكرية رائعة ومتعبة في آن. أعدت قراءة عدة فصول. وعندي شعور اني قد اعود لقراءة لبعض هذه الحوارات....more
هذا الكتاب ببساطة رائع ومُلهم ومُغير ويجب قراءته must read.
يسرد الكاتب رحلة معرفية عميقة تبدأ مع مرض الجذام الذي أثار الفضول العلمي عند الطبيب وقاده هذا الكتاب ببساطة رائع ومُلهم ومُغير ويجب قراءته must read.
يسرد الكاتب رحلة معرفية عميقة تبدأ مع مرض الجذام الذي أثار الفضول العلمي عند الطبيب وقاده في رحلة بحث طويلة لفهم الألم، تداعيات حضوره وغيابه، ومن ثم تقديره كهبة عظيمة في حياة الانسان. من الهند إلى الولايات المتحدة، ومن مرضى الجذام إلى مرضى السكري، لا يكف الطبيب عن التأمل وطرح الأسئلة والسعي خلف اجابات عبر الاختبار والفحص والتجربة، لفهم حقيقة المرض، وعلاقته بالألم (أو غيابه)، وماهية الألم، ولماذا هو مزعج، ما الذي يعززه وما الذي يخففه، الى غيرها من الأسئلة التي قادتني معه إلى أماكن غير مطروقة في الوعي والمعرفة، بالنفس والانسان. انه لا يتوقف حيث يأس سابقوه، ولا يستسلم للإجابات القديمة، وبهذا السعي يتمكن من صنع التغيير، في أجساد المرضى، وفي الوعي العام.
وهو يأخذ الطب إلى أماكن ربما لم تعد معتادة، بإصراره على عدم الوقوف على علاج أعراض المرض (الجذام)، بل رعاية حاجات المريض ليعود فردا فاعلا ومقبولا في المجتمع. والذهاب خلف الأسباب غير المرئية للنتائج الكارثية للمرض، وهي الابحاث التي قادته لعمق المعرفة ومن ثم تحسين حياة مرضاه.
اقتباس: "في مجتمع عادة ما يصوّر الألم على أنه العدو، هل سيستمع أحد للرسائل المعاكسة التي تثني على فضائله؟"
الكاتب لا يقتصد في التفصيل العلمي في الشرح لكيفية عمل الجسد، والدماغ، وما يحدث عند التعرض لأذى مؤلم، وما يحدث عندما يعطب جهاز الألم. وفي رحلته البحثية، يزودنا بالمعارف بشكل تدريجي. هذا التفصيل العلمي (وباسلوب سردي جميل وترجمة ممتازة) جعلني أرى وأفهم عظيم صنع الله في الشيء الذي نكرهه (الألم).
يتناول الكاتب موضوع الألم من جوانب شاملة، فبعد أن يبين الجانب التشريحي للألم، وتجاربه في محاولة صناعة نظام صناعي للألم، يتحدث أيضا عن مصاحبة الألم، ورغم كون الكتاب علمي بشكل كبير لكنه ينطوي على جانب روحاني مهم ينبع من إيمان الكاتب ويفسر الألم كهبة تستحق الشكر.
السرد يقوم على الكثير من القصص من تجربة الكاتب مع مرضاه ومن حياته، والاقتباسات الادبية باسلوب جميل وسلس.
اذا قرأت هذا الكتاب بذهن مفتوح، مستعد للتأمل في معانيه ورسائله، بحلول وقت الوصول إلى صفحة النهاية، أنت لست الشخص نفسه الذي بدأ القراءة.
هذه احدى القصص التي لا يمكن تلخيصها فعلا، لأن قيمتها ليست فيما حدث بل كل ما فكر فيه الراوي قبل، اثناء، وبعد حدوثه. في التأملات والافكار والاشارات الواهذه احدى القصص التي لا يمكن تلخيصها فعلا، لأن قيمتها ليست فيما حدث بل كل ما فكر فيه الراوي قبل، اثناء، وبعد حدوثه. في التأملات والافكار والاشارات الواضحة والمدفونة في تلك الرحلة نحو الحياة الجديدة.
هي حكاية شخص قرأ كتابا في احد الايام، وغير الكتاب حياته. اننا لا نتعرف عليه تماما منذ البداية، لكننا نعرفه شيئا فشيئا اذا نذهب معه في تلك الرحلة المجنونة (او التي تبدو مجنونة) في حافلات تتلو اخرى بحثا عن عالم اخر، عن ذلك المكان المختلف الذي تحدث عنه الكتاب.
تأملات الراوي وهو ينتقل من حافلة لأخرى، تأملاته في الناس والبلاد والحياة والموت، واختبار تلك التجربة القاسية بالاقتراب من الموت، وتفاديه، شدتني كثيرا. والحب ايضا، في تلك اللحظات التي كان قريبا جدا فيها من امرأة يحبها ولا يستطيع الحصول عليها. اننا نرى الى أي حد سيذهب رجل واقع في الحب والغيرة.
تذهب الرواية فيما يشبه دائرة. في شبابه، قرأ الراوي كتابا غير حياته وذهب في رحلة بحث عن ذلك العالم الذي في الكتاب. لقد ذهب في رحلة نحو عالم جديد يقف على الضد منها الاشخاص الذين يتمسكون بعالمهم القائم، يرفضون على سبيل المثال استبدال منتجاتهم المحلية بالماركات الاجنبية، يرفضون الانفتاح على اسلوب حياة وقيم غربية. بعد سنوات من تلك الرحلة نراه في اواسط عمره، بعد ان فقد المغامرة والحبيبة، واخذ نفسه الى الحياة المستقرة بعمل وعائلة، بدا انه انتقل الى الحنين الى حياة قديمة بأسلوبها وتقاليدها ورموزها، حياة تم استبدالها بالتغريب للناس والقيم والمنتجات والمدن.
اعتقد ان الرواية تصور هذا الصراع بين الشباب المتطلع للانفتاح على عالم جديد، والكبار المصرّين على الانغلاق على عالم يعرفونه، حتى انهم يصمون الكتب القادرة على ان تغير حياة الناس بالمؤامرة الغربية، ويبالغون في اصرارهم على 'حماية' المجتمع الى درجة الحجر على التفكير، واغتيال الكاتب.
(ماذا يريدون؟ أن يشتموا بلدتنا المخلصة لدينها ورسولها ومشايخها ولتمثال أتاتورك ويشتموا كل ما تراه مقدسا منذ مئات السنين.. لا .. )
وتعصف الرواية ايضا بالحنين الى زمان مضى، فالبلاد والحياة رغم كل شيء طالها التغيير، وحتى بعد ان نزلنا من الحافلة وتوقفنا عن محاولة بلوغ ذلك المكان الذي يتحدث عنه الكتاب الذي غير حياتنا.
الرواية تمجيد لعظمة الكتابة والكتب وقدرتها على التأثير. وفي مقاطع كثيرة وصريحة يتحدث باموك عن الطمأنينة التي تسببها الكتابة، عن قيمة الكتاب الجيد، وعن ما تفعله القراءة بنا. (اذا أنا أخرجت مسدسي الآن وأطلقت النار عليه في منتصف المسافة بين عينيه فلن أكون بذلك فعلت أي شيء لهذا الرجل الذي بلغ طمأنينة الزمن اللانهائية بفعل الكتابة. كان سيواصل طريقه داخل الزمن الجامد نفسه وإن كان بطريقة مختلفة بعض الشيء. في حين أن روحي المضطربة التي لا تعرف السكينة تنتفض بلا انقطاع للوصول الى مكان ما مثل سائقي الحافلات الذين نسوا إلى أين يتجهون أو من أين هم قادمون.)
وهو في رحلة بحثه عن قراء آخرين لهذا الكتاب الذي غير حياته يكتشف انهم لم يتصرفوا جميعا بذات الاسلوب. ان بعضهم كان اكثر قدرة على ادراك موسيقى الكتاب الداخلية، (أحيانا أشعر بتهامس مجموعة من الكتب التي قرأتها.. وبأن رأسي قد استحالت بفعل ذلك الى اوركسترا تترنم في كل زاوية منها آلة موسيقية، فأكتشفت أنني انما احتمل الحياة بفضل هذه الموسيقى داخل رأسي.)
عوالم اورهان باموك المتداخلة والمتشابكة بين رواياته اطلت هنا. نرى اشارات الى جلال صالك الصحفي الذي عرفناه عن قرب في "الكتاب الأسود" وحيث طرح باموك لأهم قضية في الحياة أي أن يكون الانسان نفسه، لكن الراوي في الحياة الجديدة يدرك ان لا احد قادر على ان يكون نفسه (نحن جميعا نحاول ان نحيا حياة ذات معنى. غير اننا نتوقف في نقطة ما. من القادر على ان يكون نفسه؟) تمضي الرواية لتثير السؤال بشكل مباشر او غير مباشر عن معنى الحياة. هل الحياة لعبة طفل؟ هل هي مخطط مرسوم بدقة ام مجرد مصادفة؟ هل الحياة هي حادث؟ ام ان الحادث هو الطريق الى حياة جديدة؟
ثم هناك ثيمة الزمن التي كتب عنها اكثر في (متحف البراءة) ونراه في الحياة الجديدة يصف هذا الاختراع (كانت ساعة جيب، الا انها تدرك الوقت الذي تكون فيه سعيدا وتقف من تلقاء ذاتها وبذلك تمتد سعادتك الى اللانهاية.)
انها رواية جميلة جدا، (رغم بطء الحدث فيها)، مطعمة بنفس ساخر لباموك، رغم قتامة بعض أفكارها، وعندما تنهيها فإن الفكرة الأولى هي ان تعود للصفحة الأولى وتبدأ مجددا.
(تجدون من هم من أمثالي، تعطونه كتابا ليقرأه، ثم تحرفون حياته، قلت هذا ولكن لنفسي.)...more
الكتاب يضم قصتين طويلتين، وهو المصافحة الأولى لي مع آني إرنو.
القصة الأولى: امرأة، هي تأبين رقيق وحميمي لوالدة الكاتبة. إنها تبدأ السرد من يوم وفاة أمهالكتاب يضم قصتين طويلتين، وهو المصافحة الأولى لي مع آني إرنو.
القصة الأولى: امرأة، هي تأبين رقيق وحميمي لوالدة الكاتبة. إنها تبدأ السرد من يوم وفاة أمها، لكنها تعود بالزمن لتحكي كيف نشأت أمها، كبرت، تزوجت، وعن الشد والجذب في علاقتهما منذ الطفولة حتى نضج الابنة، المرحلة التي تغدو فيها علاقتهما أقرب وأجمل ما يكون، لولا أن الزمن يبقى يجذب الأم نحو تدهور الشيخوخة، تعطينا لمحات موجعة من تدهورها العقلي والجسدي، وانقلاب العلاقة لتكون البنت أم أمها. جميلة جدا ولم يفسدها إلا المصطلحات العامية المصرية التي أدخلتها المترجمة في السياق.
القصة الثانية: عشق بسيط، هي تدفق حميمي ورقيق لأفكار وعواطف هذه المرأة التي تحاول تحليل وتأمل تفاصيل علاقتها وارتباطها العاطفي برجل، مستغرقة في تفاصيل ما عناه انتظارها له، ووقتها معه، تغلغها فيها وتأثيره على كيانها، إلى نهاية العلاقة التي تصفها (الحقيقة الأعنف والأقل قابلية للتفسير) لقد أحببت هذه القصة جدا، وأحببت الكتاب عموما وعندي رغبة بقراءة المزيد لآني إرنو....more
Loading...
