1- الكاتبة المرأة (سواء كانت ماما أم لا). هذا الكتاب بحث مدهش وممتع عن الكاتبات النساء، علاقاتهن العاطفية والزوجية، اكثر شخصين سيعجبهما كتاب اليف شفق:
1- الكاتبة المرأة (سواء كانت ماما أم لا). هذا الكتاب بحث مدهش وممتع عن الكاتبات النساء، علاقاتهن العاطفية والزوجية، وعلاقاتهن بأولادهن، كيف تأثرت وأثرت الكتابة والامومة بأحدها الاخر، التضحيات والمتع التي ترتب على هذا المزيج، وايضا مواضيع اخرى حول تحديات ان تُبدع امرأة، بما في ذلك الرقابة/الحجب الذي يفرض عليها او تفرضه على نفسها من اجل تحقيق شيء. 2- الشخص الذي يعرف معنى أن تكون في رأسه أصوات داخلية جبارة ومتصارعة، لا تكف عن ان تبث افكارها في رأسه، تقوده ليفعل ما تريد، توقظه في منتصف الليل لتناقش وتحلل "عقل لا يهدأ".
تنقسم فصول الكتاب الى الفصول البحثية التي تختار فيها شفق ان تسرد شيء من حياة بعض الكاتبات لنرى تحديات الكتابة والعلاقات العاطفية والامومة معهن، تعرض شفق موضوعها ببراعة مستعينة بثقافة واسعة (او بحث جاد)، تستشهد بأسماء كاتبات وقصصهن، وترجع الى ارائهن، وكذلك المساحة التي حصلت عليها النساء عبر التاريخ ليبدعن. وهي فصول ممتعة جدا (اعرف اني اكرر هذا) وفي البداية كانت هذه الفصول اكثر ما شدني. والفصول الاخرى التي تتقاطع معها، هي الفصول التي تسرد فيها شفق تقلباتها الفكرية مع تغير سيطرة اصواتها الداخلية في اثناء انتقالها من مرحلة العازبة الطاردة لفكرة الزواج والامومة، الى مرحلة الام المصابة بالاكتئاب. تقوم شفق بتصوير الاصوات الداخلية وتجسيدها في شخصيات نسائية بحجم الاصبع، وهو ما لم استسغه في البداية، لكني ادرك ان شفق قد اختارت بالفعل احد اسهل حلول التعامل مع المشكلة بتجسيدها ورؤيتها لتتمكن من التعامل معها وفهمها. لو انها اختارت اي طريقة اخرى لانتهينا بمنولوجات نفسية داخلية طويلة ومتشابكة وغير واضحة ولا يمكن الفكاك منها. من الواضح ان شفق تفهم تماما جوانب شخصيتها واصواتها الداخلية. صحيح انها بالغت في بعض المقاطع، لكن يمكنني القول ان هذا التصوير يجعل رحلتها في هذا الكتاب متاحة لأن يستفيد منها شخص آخر.
تكتب أليف عن كل امرأة، لا عن الكاتبة بالتحديد، لتصف وقوعها في اكتئاب ما بعد الولادة، تتحدث عن توقعات العالم المعاصر من المرأة ان تكون دائما قوية، تضع مكياجا فوق ألمها وضعفها الداخلي وتمضي في الحياة. تواجه هذا وتعترف: تنتقل المرأة في حياتها عبر مراحل، واذا شعرت بالضعف والحاجة الى الاخرين في اي مرحلة فلا عيب في ذلك. وهي تستفيد من المعتقدات التراثية التي كانت تعتقد بوجود جن يستولي على الام حديثة الوضع، فتصور الاكتئاب بذلك الجن.
رغم اني انتظرت منها اكثر في الحديث عن كيفية خروجها من اكتئاب ما بعد الوضع، واكتفت ببساطة "انتهاء دورته"، وهو امر مقنع، لكن وعيها بأصواتها الداخلية وتناقضاتها قد يكون احد المفاتيح التي ساعدتها على الفكاك.
افتقدت الاصوات الداخلية في بعض المنعطفات المهمة كزواجها مثلا (لم نسمع آراءها).
بطريقة ما، وربما لأنه يطرح ذلك الصراع الداخلي ضد المعتقدات السائدة حول ما يجب ان تكونه المرأة والخيارات التي عليها مواجهتها في الحياة الخاصة، ذكرني باليزابيث غيلبرت في eat pray love لكنه يتجاوزه ليكون بحث اكثر توسعا في موضوع الكتابة والامومة.
هذا احد الكتب التي وانت تقرأها تضيف كتبا جديدا لقائمة ما تريد قراءته اذ تتحدث شفق عن العديد منها ضمن حديثها عن الكاتبات.
الفكرة المحورية لهذا الكتاب هي انك عاجز عن التكهن، وأيا تكن النظريات الاحصائية وحساب الاحتمالات الذي تعتمده، فما لم يكن يضع العشوائية والتشككية في الحالفكرة المحورية لهذا الكتاب هي انك عاجز عن التكهن، وأيا تكن النظريات الاحصائية وحساب الاحتمالات الذي تعتمده، فما لم يكن يضع العشوائية والتشككية في الحسبان فهو لا يعول عليه. نحن نعيش بمفاهيم (وبرمجة) تحاول اقناعنا بقدرتنا على التعامل مع عالم بقوانين ثابتة، عندما لا تكون هذه هي الحقيقة. لأن البجعات السوداء، أو الحدث الاقل توقعا بل الذي يقع خارج نطاق كل احتمالاتنا يمكن ان يحدث (موجبا كان او سالبا).
هل تحتاج هذه الفكرة الى 600 صفحة لشرحها. لا أعتقد. شعرت ان الكاتب بالغ في الاسترسال في السرد وهو يشير الى هذا في خاتمته حين يقول ان الكتاب كتب نفسه. ولكنه ربما شعر بالحاجة الى كل هذا الكلام لأن ما يحاول تأكيده يقع بالتضاد مع برمجة حالية: اي تلك الفكرة القائلة ان بوسعنا بثقة وضع تقديرات صحيحة لما لا نعلم. وهي فكرة قد لا تؤثر اذا كان التقدير/التوقع متعلق بوجبة الغداء التي أعدتها أمي اليوم، لكنها يمكن ان تصبح كارثية/اعجازية اذا كانت تتعلق بتقدير نمو خلية سرطانية في خلال سنوات أو أرباح مالية ناجمة عن استثمار.
هناك صعوبة في ملاحقة أفكار نسيم في الكتاب والربط بينها. مع ذلك فهو يعتمد اسلوب قصصي بسيط في القسمين الاول والثاني من الكتاب مما يجعله قادر على الوصول للقاريء العادي وشد الانتباه. القسم الثالث كان اكثر تقنية وقد وضع نسيم ملاحظات تشير الى امكانية تجاوزه لغير المختصين او المهتمين.
الكتاب يفتح الوعي على أفكار لم أنتبه لها مسبقا ويثير التأمل في ما يطرحه. ربما يكون ايضا بداية للتغيير، ولكن التغيير في التعامل مع التوقعات والتقديرات لا يحدث ببساطة الانتهاء من قراءة الكتاب.
هذه الرواية الجميلة والمتدفقة بسلاسة وحميمية جعلتني أطوي الصفحات سريعا، دون شعور، ودون رغبة بالوصول للنهاية. ورغم الفترة القصيرة التي أمضيتسيدات القمر
هذه الرواية الجميلة والمتدفقة بسلاسة وحميمية جعلتني أطوي الصفحات سريعا، دون شعور، ودون رغبة بالوصول للنهاية. ورغم الفترة القصيرة التي أمضيتها مع الشخصيات، لكن العلاقة تخلق معهم وتتوطد عبر عشرات التفاصيل الصغيرة، لما هم عليه، لشكل حياتهم، لمنازلهم التي تدخل إليها وتعرف تفاصيلها، لطعامهم الذي تأكله معهم، وأحاديثهم التي تشاركهم إياها، مشاعرهم ومخاوفهم، وصراعاتهم من أجل الحب.
تقول جوخة الحارثي في روايتها هذه الكثير، عن الانسان، وعن عمان، وعن شكل الحياة المتغيرة ببطء عبر أجيال متعددة. تتعدد شخصياتها الغزيرة، وتتشابك مصائرهم، وتمنح لكل منهم مساحته الخاصة، لكننا نكون أقرب لعبدالله الذي يتناوب سرد الحكاية في بعض الفصول، عبر استعادة الذكريات، مع راوٍ يمر على بقية الشخصيات ويخبرنا بقصصها المتشابكة. تبدأ الحكاية من زواج ميا وعبدالله، في وقت ما من بداية الثمانينات، انجابها طفلتها الأولى لندن وذهابا إلى الوقت الذي تعرف فيه لندن الحب والزواج. لكنها تتداعى في ماض أقدم يمتد مئة عام إلى الوراء لتعود بحكايا الآباء والأجداد. تكبر القصص عبر عبدالله وميا لتخبرنا عن عائلتيهما. نتابع مصائر الشخصيات النسائية العديدة والمتنوعة في أنماط تفكيرها وعاطفتها، أمهات وبنات وحفيدات، التي اقتربت وابتعدت عن أشكال مختلفة من الحب. من أسماء المحبة لقراءة التراث، إلى خولة التي بدت كمدام بوفاري أخرى: التأثر بالروايات العاطفية فوق ما يلزم لحياة طيبة. قد تكون تحولات الحب عند خولة أحدى أكثر القصص تأثيرا بالنسبة لي في هذه الرواية. ولا تخلو الرواية من شخصيات رجالية مؤثرة لكن الحضور النسائي طاغ فيها.
يتصاعد الزمن في بعض الفصول بإتجاه المستقبل، ويعود للماضي عبر الذكريات، ويكشف ومضات من المستقبل مقدما في سياق الحاضر. وشيئا فشيئا تكشف الرواية عن أسرارها وعن صورتها الكاملة، كقطع بازل تلتصق ببعضها وتصنع شكل الحياة.
الرواية غنية بالتفاصيل الوصفية: للمكان، القرية ”العوافي“، المنازل و الأثاث، الأدوات والملابس، العادات والمعتقدات، طبيعة حياة الناس وتعاملهم مع المناسبات المختلفة: الزواج، الموت، الانجاب، و شكل العلاقات المختلفة التي تجمعهم، آباء وأبناء وأخوان و أزواج وجيران، سادة وعبيد، لكن كل هذه التفاصيل مزروعة بسلاسة وعفوية سردية تفادت الوقوع في مطب التقرير واحتفظت بروح الرواية. كذلك نجد السرد يتضمن العديد من الأمثال الشعبية على لسان ”ظريفة“ والشعر العربي على لسان بعض الشخصيات. وأفهم كيف يمكن لهذه الرواية أن تكون بوابة للإطلاع على عالم ”عمان“ فيما قبل المدنية المعاصرة.
تخبرنا الرواية عن شكل الثراء وأسبابه مشيرة إلى تجارة السلاح وتجارة الرقيق. وتخبرنا أيضا عن الجوع والفقر. يشكل العبيد جزء مهما من شخصيات الرواية، التي تحكي مشاهد من حياتهم، وعلاقتهم بالسادة الذي يتنقلون بين بيوتهم بيعا وشراء، بخاصة عبر حياة ظريفة التي كانت الأم الوحيدة التي عرفها عبدالله، وظل ممزقا بين كونها مجرد عبدة، لكنها عبدة والده الأثيرة، والصدر الأمومي الوحيد الذي عرف. ظريفة التي وُلدت عبدة ولا تعرف بيتا ولا وطنا غير العوافي، فلا تستطيع أن تفهم تمرد ابنها ولا حاجته للهجرة إلى بلاد أخرى يبدأ فيها حياة حرة من جديد. نرى كيف يلد العبيد عبيدا، وكيف يتغير حال الجيل الجديد من أبناء العبيد بعد إلغاء الرق، لكن المجتمع ونظرته الطبقية لا يتغير كثيرا.
يتقلب المسار السردي على لسان عبدالله بين ذكرياته الشائكة لعلاقته مع والده، وهذيانه وتردده بين الحلم واليقظة تحت وطأة آلام ماضيه وحاضره، ضحك ميا ردا على حبه لها، قسوة والده التي لم يشف من جروحها، والتزامه ببره الذي يأخذه في مشاوير طويلة بين العوافي ومسقط، ثم كيف يعود ليشبه والده في علاقته مع ابنه بالذات.
تسرد الرواية أيضا على هامشها، بعض التحولات السياسية التي أثرت في مصائر الشخصيات، النزاع الحربي بين السلطنة والإمامة في بداية القرن الماضي، وكيف تزحف المدنية والعادات الجديدة على عادات القرية، بخفاء تخطيط الفتيات السري لإضافة عناصر جديدة لجهاز العروس الذي أعدته الأم.
إن كان من شيء كان يمكن أن يجعل الرواية أجمل، فهو المزيد من التكثيف لبعض الشخصيات (خولة، العلاقة بين ميا والطفل محمد مثلا) التي استحقت المزيد من المساحة والضوء، لكن تزاحمها لم يمنحها الفرصة.
لقد استمتعت بالرواية، بالحيوات التي سردتها، والشخوص التي شعرت بها قريبة وحميمة واهتممت بها، وبالتقنيات والتنقلات التي رسمت القصة بجمال واحتفظت بما تضيفه للصورة حتى النهاية.
اقتباس من الرواية:
(أرادت أن تقول له: كان أي شيء سيكفيني، أي شيء سيملأ حقل قلبي بالثمار النافعة. أي شيء سيملأ السلال الممدودة لك وحدك. أي شيء: رسالة ورقية من كلمة واحدة. رنة بعد منتصف الليل، منام خاطف لا تولي فيه ظهرك، خطوة صغيرة واحدة، التفاتة بطيئة واحدة. أي شيء. حتى زمجرة غضب، حتى تنهيدة ضجر، حتى هدنة رخيصة. أي شيء كان كثيرا. لكن أي شيء لم يأت. أي شيء. والآن، كل شيء لا يكفي. كل شيء أقل من أن يبرعم ورقة واحدة في حقل صعقه الشتاء.) ...more
كتاب تأريخ قيّم جدا على صعيد المعلومات التاريخية وتحديد المفاهيم. أعترف بأن الكثير مما طرحه من معلومات كان جديدا التطهير العرقي في فلسطين
٢٧ مايو ٢٠٢١
كتاب تأريخ قيّم جدا على صعيد المعلومات التاريخية وتحديد المفاهيم. أعترف بأن الكثير مما طرحه من معلومات كان جديدا بالنسبة لي.
في هذا الكتاب، يطرح إيلان بابيه مفهوم التطهير العرقي، وكيف ينطبق هذا المفهوم على ما فعله الصهاينة في فلسطين (ولا يزالون يفعلونه). ثم يذهب بطيئا في التاريخ منذ أيام الانتداب البريطاني وبدايات الهجرة الصهيونية ليذكر بالتفصيل الخطوات التي قام بها الصهيانة لتنفيذ خطتهم، بتهجير الفلسطينيين من أرضهم عبر منهاج من جرائم وحشية تضمنت القتل والتدمير ومحو القرى من أساس وجودها، من أجل إنشاء دولة يهودية. يستند الكاتب إلى وثائق رسمية ومراسلات ومذكرات من أطراف متفرقة، البريطانيين، الصهاينة والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، بالإضافة إلى ما تم توثيقه من شهادات شفهية للضحايا. هناك الكثير من الفصول الموجعة لجرائم مرعبة تعرض لها الشعب الفلسطيني.
ويتحدث الكاتب أيضا، وبصورة مباشرة، عن كيف حدثت كل تلك الجرائم بحضور مراقبين وشهود دوليين (الانتداب البريطاني أولا، ثم مراقبين الامم المتحدة، وحتى القيادات العربية) وكيف سمحوا بمرور تلك الجرائم وتراوحت ردات فعلهم بين إشاحة الوجه عنها، أو القيام بمظاهر شكلية وغير جادة لإيقافها. وأيضا، يتحدث عن الخيانة العربية، مسميا الأسماء، والتواريخ والتفاصيل، في مقاطع مثيرة للغضب، عن ”الحرب المزيفة“ التي لم يكن هدفها تحرير فلسطين بقدر ما هدفت لإقتطاع حصة من الكيكة.
الكتاب حافل ولا يمكن تلخيصه، ولكن هذه بعض النقاط المهمة التي أكتفي بتدوينها هنا.
التطهير العرقي والنكبة لم تبدأ فعليا منذ مايو ١٩٤٨، بل سبقت ذلك التاريخ، منذ نهاية العام ١٩٤٧ (فترة انتداب بريطاني) حين تعرضت أول قرى الفلسطينيين لإغارات التطهير، وامتدت إلى أواخر ١٩٤٩. إنها سنوات طويلة من الجرائم الصهيونية والصمت الدولي.
أن يكون هناك الكثير من الوثائق والشهود الدوليين لهذه الجرائم، ولا يُنصف ضحاياها، بل وأشد من ذلك، يمضي العالم بإتجاه نسيان وإنكار النكبة، أو تجاوزها كما لو كانت جرحا في إصبع من أجل ”عملية السلام“ الخ، هذا تعامي وتواطؤ دولي في الجريمة. إنه إشارة صارخة لعدم عدالة هذا العالم.
التطهير الذي يصفه الكاتب لا يزال مستمرا، وإن كان يأخذ شكلا أكثر ”تحضّرا“ في عالم اليوم، كما يحدث في القدس هذه الأيام. يترافق ذلك مع العمل المستمر لمحو ذاكرة النكبة وصناعة ذاكرة جديدة. الفصول التي تحدث فيها الكاتب عن تغيير هوية الأرض جغرافيا وثقافيا، والغابات الشاسعة التي زرعوها فوق القرى الممسوحة لطمس كل أثر وتاريخ لها، كانت مذهلة.
يصف الكتاب في العديد من منعطفات خطة التطهير العرقي كيف استثمر الصهاينة ذكرى الهولوكوست لصالح تمرير جرائمهم، في عالم دولي جبان ومجلل بخزي جريمته السابقة، حتى أنه يتواطأ بغض نظره عن جرائم الصهاينة، والحذر في توجيه النقد لهم بسبب ما مروا به. ومن الجهة الأخرى يصف الكتاب أيضا كيف تجنب الصهاينة في سنوات النكبة تلك كل ما يمكن أن يربط بين ما جرى لليهود على يد النازية وما يقومون به تجاه الفلسطينيين (وهو متشابه جدا!)، حتى أنهم دفعوا بإتجاه انشاء وكالة مستقلة للاجئين الفلسطينيين لكي لا تكون منظمة اللاجئين الدولية ذاتها التي دافعت عن اليهود سابقا، هي المدافعة عن نفس الحق للفلسطينيين.
أعتقد أن الكاتب رغم كونه اسرائيلا بدا منصفا ومتحيزا فقط لموضوعه وأطروحته، وسعيه لإثبات حدوث جريمة التطهير العرقي في فلسطين، متشبثا بفكرة أن الوصول إلى حل للمشكلة القائمة، يبدأ بالاعتراف بوقوع الجريمة، تسميتها التسمية الصحيحة، والبدء بإنصاف الضحايا.
احد الكتب التي تجعلك لا تريد سوى انهاءها والفرار منها. كان به بعض المقالات المدهشة، لكنها كانت الابرة في كومة قش.
يشكو هذا الكتاب من علتين جوهريتين: ١-احد الكتب التي تجعلك لا تريد سوى انهاءها والفرار منها. كان به بعض المقالات المدهشة، لكنها كانت الابرة في كومة قش.
يشكو هذا الكتاب من علتين جوهريتين: ١- الترجمة حرفية وسيئة بشكل محزن. بعض الجمل خاطئة تماما ويمكن ان تتسبب بأزمة قلبية لمعلم اللغة العربية (مثلا: كان مانغويل لاحظ) وتنتهي الى تشكيل جمل بلا معنى حقيقي. وهي علة يمكن معالجتها بتنقيح الترجمة. ٢- اما العلة الثانية فلا علاج لها. فالافكار ليست حقا مترابطة، وهي تسبح وتتشتت وتضيع في كل اتجاه بينما يحاول مانغويل اقناعنا انه مسيطر على الفكرة. مثلا يبدأ المقال بالحديث عن ان القراءة ليست للكتب فقط بل ايضا لكائنات الوجود ثم ينتقل لتأكيد التشابه بين تصنيف المكتبة وتقسيم احواض الزرع في الحديقة، ومنها الى حدائق الملوك، ثم سيرة الملوك الفرنسيين وفلوتير، ثم يحاول ان يختم بالفكرة الاولى التي بدأ بها. حقا؟ وبسبب اصراره على ان تكون المقالات ذات علاقة بالقراءة وجدت انه قد انتهى الى 'تسخيف' قصص عميقة مثل قصة اليهودي التائه ولوي عنقها واجبارها على ان تكون ذات ارتباط بالقراءة والكتب.
رغم وجود ترجمتين للكتاب الا ان مراجعات القراء تنبئني ان لا ترجمة قادرة على علاج العلة الثانية. ورغم احتواء الكتاب على افكار لطيفة وقصص جيدة، لكنها جيدة كل على حدة، اما محاولة ربطها في فكرة مركزية فتثير الدوار.
ولكي يجعل الأمور اصعب، فمانغويل كقارئ موسوعي يكتب لقارئ يشبهه، وهو ينتهي الى حشد الكثير من المرجعيات والاشارات والاسماء الى اعمال ادبية اخرى دون تقديم الكثير من التفاصيل، ولا يمكنك ان تأخذ المعنى الذي يقصده كاملا ان لم تكن مطلعا على الاعمال التي يشير لها.
يؤسفني ان هذا الكتاب كان التعارف الاول مع مانغويل لكنه يجعلني اصرف النظر لوقت غير قصير عن اي كتاب اخر له. ...more
هذه الرواية تراودني منذ سنوات! لكني وجدتها مسموعة مؤخرا على قناة مزامير السيدة ميم، وبدأت أسمعها، وسرعان ما قبضت عليّ. على غير عادة الروايات الروسية، هذه الرواية تراودني منذ سنوات! لكني وجدتها مسموعة مؤخرا على قناة مزامير السيدة ميم، وبدأت أسمعها، وسرعان ما قبضت عليّ. على غير عادة الروايات الروسية، هذه الرواية تضعك في قلب ما يحدث مباشرة، ولا تضيّع الوقت في مقدمة عن الشخصيات وظروفهم تمتد خمسين صفحة.
وهي تجمع بين أحداث السحر الغرائبية الخارقة للطبيعة، الممتزجة بدرجة من الرعب في بعض المشاهد، وبجرعة عالية من السخرية. يصل الشيطان إلى موسكو بصحبة جوقته، المتخذين أشكالا آدمية وإن كانت غير معتادة، بما في ذلك ثياب المهرجين والنظارة بلا عدسات، باستثناء بغيموت، القط الناطق. يحتلون شقة، ويقدمون عرضا مسرحيا يصيب أهل المدينة بالدوار، وفي الأثناء يتركون فوضى كاملة حولهم في كل مكان يطأونه، متسببين باختفاء أو جنون من يقف في طريق جولتهم القصيرة في موسكو، المدينة التي توقف الناس فيها عن الإيمان ولا يجدون مشكلة في المجاهرة بالإلحاد، ولكن كيف يمكنك أن تكفر بالشيطان حين هو ماثل في مدينتك؟
بالتوازي مع سرد فوضى موسكو، تسرد مشاهد متقطعة من اليوم الأخير في حياة المسيح، وقوفه في محكمة قصيرة يعقدها الحاكم بيلاطس البنطي يتلوها صلبه. إنها مشاهد يبدأ الشيطان ذاته بسردها لأولئك الذين لا يؤمنون بالمسيح، لكنها أيضا مشاهد من رواية كتبها ”المعلم“ وهو أحد شخصيات الرواية الذين نلقاهم في النصف الثاني منها، ونعرف معهم الحكاية الثالثة، أي قصة الحب بين المعلم ومارغاريتا. نشهد صراع المعلم بين اجتهاده في عمله الابداعي، ويأسه من الحصول على قبول له، ونعرف كيف بوسع الكاتب أن يأسر التاريخ / الشخصية في عاطفة أو لحظة إلى الأبد.
يجيء الشيطان إلى موسكو ويعيث الفساد، لكنك في معظم الوقت تواجه شخصيات فاسدة دون شيطان. وربما لم تكن زيارة الشيطان شرا مطلقا كما هو متوقع.
إنها رواية ممتعة، إذا حاولنا فك شفرة رموزها، و إذا قبلناها بشكلها الظاهر....more
هذا الكتاب يجعلني اشعر بتقدير خاص للسير الذاتية النسوية، ويذكرني مباشرة بتلك السيرة الجميلة التي قرأتها لليف أولمن (أتغير) فأهميتها بالنسبة لي تكمن فيهذا الكتاب يجعلني اشعر بتقدير خاص للسير الذاتية النسوية، ويذكرني مباشرة بتلك السيرة الجميلة التي قرأتها لليف أولمن (أتغير) فأهميتها بالنسبة لي تكمن في تلك الافكار والمشاعر والمواقف الخاصة بالمرأة، أهميتها تأتي في أن تقول بأن أحدا خاض كل هذا، وأنه مَر.
سيرة آذر نفيسي هي سيرة علاقتها الشائكة بأمها، منذ طفولتها والى ما بعد هجرتها ووفاة أمها. وصحيح أنها وضعت مجهودا خطيرا في رسم خلفية تاريخية للتحولات السياسية في ايران: صعود البهلويين، المخططات الاصلاحية، الانقلابات والاضطرابات، ثم الثورة الاسلامية والحرب، والتي احاطت بعائلتها وأثرت في حياتها (والدها كان محافظ طهران وأمها عضوة في البرلمان ابان حكم الشاه) لكنك على الارجح يمكن ان تستعين بكتب التاريخ وبشكل اكثر كفاءة من نفيسي المتحيزة بشكل صارخ (اووبس.. نسيت ان تقول شيئا عن قتل الشاه للمتظاهرين الموشكين على الاطاحة بعرشه، رغم انها تذكرت كل شيء عن القتل الذي جرى بعد الاطاحة بحكمه). لكن اذا وضعنا البعد السياسي والتاريخي للكتاب جانبا فإن غناه حقا هو في سرد هذه العلاقات العائلية المرتبكة والشائكة، شخصية والدها المؤثرة الذي زرع في أبناءه صلات عميقة بوطنهم وثقافته الفارسية من عمق قصص الشاهنامة، وبذر تلك الجذور التي بقيت تمدّ نفيسي بالرغبة في تأمل الواقع من خلال التراث والمنتج الأدبي للمجتمع، وتلك الرحلة الطويلة التي خاضتها نفيسي في علاقتها مع والدتها كالسباحة في عكس مجرى التيار حتى وصولها الى مرحلة من النضج تسمح لها بالتأمل ومحاولة الفهم. تكتب عن الحبال التي بقيت تشد افراد عائلة معا، حتى عندما كان الحب شحيحا والرغبة في السلطة في أوجها.
استمتعت جدا بقدرة نفيسي على سرد هذا الكم من الذكريات ووضعها في قالب درامي. ...more
لا يبدو لي منذ البداية واضحا معنى القافر، ولا يظهر إلا بعد فصول متقدمة في الرواية، حين يطلتغريبة القافر
(تنطوي هذه المراجعة على حرق لبعض أحداث الرواية)
لا يبدو لي منذ البداية واضحا معنى القافر، ولا يظهر إلا بعد فصول متقدمة في الرواية، حين يطلق أهل القرية لقب القافر على سالم بن عبدالله لبراعته في اقتفاء أثر الماء.
هذه الرواية تتبع عبر سرد حكواتي الطابع حياة هذا القافر، منذ لحظة ولادته بعد غرق أمه في البئر، نراه طفلا يضع أذنه على الأرض وينادي الماء فيظن الناس أن به مسّ، إلى أن صار رجلا يمتهن البحث عن منابع الماء في جوف الأرض، ويساهم في حفر وترميم وتشييد الأفلاج، وهي القنوات المائية التي تمتاز بها قرى عمان.
المكان، أي الريف العماني حاضر بشدة، بجباله وصخوره وأراضيه الزراعية، بسيوله ومحلُه/قحطه، شجره المتنوع وحيواناته وحياة ناسه. نرى الطبيعة كيف تلقي أثرها على حياة الناس، تخرجهم من منازلهم حين السيل، وتتركهم عطشى منهكين حين القحط. ويأخذنا القاسمي إلى عالم الأفلاج التحتي لنعرفها، كيف تختفي وتنهار وكيف يُعاد ترميمها وتشييدها، ويعرفنا بما تحمّله للناس من حياة، وما يحتملونه منها من خطر وألم وموت. نرى صراعهم من أجل البقاء وسعيهم وراء الماء حفرا في أرض يابسة، وطرقا للمسمار في صخور قاسية.
القصص تتفرع ويستفيض القاسمي في تفاصيل حياة الشخصيات المحيطة بهذا القافر، أمه التي تبدأ الرواية بغرقها لكنه يعود ليحكي لنا قصتها، زواجها، حملها وصداعها، ثم غرقها في الماء، هل كان ذلك هو الباب الذي انفتح في ذهن إبنها وجعله قادرا على سماع صوت الماء في بطن الأرض؟ والأب عبدالله بن جميّل، الزرّاع، والعمة التي قامت مقام الأم، كاذية بنت غانم، و آسيا التي صارت أمّا مرضعة بعد حرمان طويل من الأمومة، والوعري سلام، الشخصية المنعزلة التي ظاهرها مثير للخوف لا يعكس حقيقة باطنها. وشخصيات القرية المختلفة، التي تجعلنا نعيش عالم القرية حيث نفوس الناس تختلط فيها الطيبة والشر المقصود وغير المقصود، الحسد والجشع والغيرة، ولا تخلو من القيل والقال والتمسك بقصص الأساطير والجان لتفسير ما لا يبدو مفهوما أو مألوفا. ودائما هناك محلٌ للضحك، لاسيما في اللحظات العصيبة.
في القرية لا أحد يحتفظ بمكانته طويلا. اليوم هو مثار سخرية وموضوع قصص التلبس بالجنّ، غدا يصير القافر المثير للفخر، وبعد غد يعود موضع سخرية في بحثه عن الماء حيث لا يصدق أحد أنه يمكن أن يكون.
بطبيعة موضوع الرواية، نرى شخصية القافر تكبر حول فكرة الماء. إنه يعيش بحثا طويلا عن الماء، شغفا به وشيء من القلق. في طفولته كان الماء نداءً غير مفسّر، في صباه يخفي موهبته ليتقي كلام الناس ويصير عاديا كالجميع، في شبابه صار له مهنة وشغف وتحدي يعيشه في كسر الصخر واطلاق سراح الماء، وهو يحكي هواجسه أيضا، ويترجم الحب حين يشعر به سيلا جارفا. الماء لغته.
بالحديث عن الحب، لم يحرمنا القاسمي بعضا من الحب في رواية البحث عن الماء. وإن كان مقتضبا. الحب خجول في القُرى، قليل الكلام، كثير الفعل. ربما الجملة الأجمل تعبيرا عنه ما فكر به سالم طفلا حين عرف عن العاطفة القديمة بين عمته وسلام الوعري: ”- أنا أتزوج الوعري؟ تريد الناس يقولوا ما تزوجت طول عمرها وما بغت غير الوعري؟ هرش الطفل رأسه، محاولا فهم الفكرة، كيف يمكنها أن تهتم بشخص وترفضه في الوقت ذاته؟“
بدت لي الشخصيات النسائية في الرواية محدودة، في إطار الصور التقليدية، في إطار الظاهر أيضا وأقل غوصا في الأعماق. إنها الأم والزوجة المضحية، المهجوسة بالعائلة وسلامة الأحباء، التي تبقى في الخلف دائما بينما يذهب الرجل لإكتشاف وإنقاذ العالم (مضحيا بالعائلة ذاتها أحيانا). ليس للمرأة عالم داخلي غير مهجوس بالرجل والعائلة. تخبرنا الرواية بشكل هامشي عن جانب من حياة المرأة خارج المنزل في رعاية الغنم والماشية، لكن حتى هنا لم تذهب بعيدا. وفي فصولها الأخيرة، نرى استعارة مدهشة لبنيلوبي في الأوديسية، تلك التي رفضت الزواج في غياب الزوج، وتعذرت بانشغالها بالحياكة التي لا تصل إلى نهاية لكي تصرف الخُطّاب. نرى زوجة القافر تفعل شيئا مشابها، تؤجل زواجها ببديل للغائب إلى أن تنهي غزلها الذي لا ينتهي.
الفصول الأخيرة من الرواية هي إبداع قائم بذاته. يضع القاسمي بطله في مواجهة صنيعه، محبوسا في فلج ماء تحت الأرض، عالقا غير قادر على الخروج. يرسم تفاصيل المحنة، معايشة الخوف والغرق والجوع والظلام والوحشة، وأيضا الرغبة في الحرية والمقاومة لأجل الحياة. في هذه الفصول تغيب الشخصيات الأخرى ويبقى المشهد مسلطا على القافر في تحديه الأخير. إنها تثير سؤال، هل صاغ القاسمي هذا العالم كله، شخوصه، قُراه وأفلاجه، صخوره وجباله، شيوخه، إنسه وجنّه، وأخذ بطله في رحلة اقتفاء الماء الطويلة تلك، لكي ينتهي ببطله محبوسا في حفرة مليئة بالماء تحت الأرض؟ ليعيد مشهد غرق الأم التي خرج من رحمها؟ ليعيد سالم بن عبدالله إلى رحم مغلق يقف على فرجته عالقا غير قادر على الخروج، ودون الخالة الحكيمة التي أخرجته أول مرة؟ تنتهي الرواية دون أن تقول لنا تماما، إن كان سالم بن عبدالله قد حظي بولادة جديدة من رحم الأرض.
العنوان تغريبة، ونرى القافر مرتحلا متغربا أحيانا في رحلات البحث عن الماء. لكن التغريبة الأهم على الأرجح هي غربته بين الناس، الذين لا يستطيعون فهمه تماما، لأنهم لا يسمعون ما يسمع. في قريته يواصل حفر صخرة صماء يسمع صوت الماء خلفها، في حين يسمه أهل القرية بالجنون. ربما كان انتهاؤه وحيدا تحت جوف الأرض، برفقة الماء وحده، مقابلا مثاليا لوحدته بين الناس. لقد عاش غريبا طوال حياته، أيا كان مكانه.
الرواية بديعة لغة واسلوبا وقصّا، يستخدم القاسمي الحوار باللغة العامية، وهي حوارات مقتضبة لكنها ذكية. ممتعة في تقلباتها التي تدفعك لمواصلة قلب الصفحات حتى النهاية.
اقتباس: (حدثته نفسه بأنه من الخطأ أن تخرج بعض الأشياء من سجنها، وأن الماء الذي يعيد الحياة إلى القُرى كان لزاما أن يبقى في مكانه، لأنه مصحوب بلعنة منذ القدم.) ....more
الدروس المستفادة من هذه الرواية: ١- الزواج يدمر حياتك ٢- التقاعد يدمر حياتك
وهي رواية مهمة جدا لمن يرغب بالشفاء من الحب الأول.
اعتقد ان اسم منزل (شراف إندالدروس المستفادة من هذه الرواية: ١- الزواج يدمر حياتك ٢- التقاعد يدمر حياتك
وهي رواية مهمة جدا لمن يرغب بالشفاء من الحب الأول.
اعتقد ان اسم منزل (شراف إند) الذي تدور الاحداث فيه مرادف ل (بيت المجانين) في ترجمة ما.
واذا انتقلنا للمراجعة الجادة فهي تبدأ هنا:
أنها رواية جميلة جدا اذا استطعت ان تتجاوز ثرثرة تشارلز في فصل "ما قبل التاريخ"، وهو فصل بارد ومشتت وممل يجعلك تفكر ان تضع الكتاب جانبا لولا أن السرد ليس سيئا بالمرة، لكنك تكتشف لاحقا أن هذا الفصل له أهمية كبيرة لأنه يعطيك الاساس الذي شكل الحياة العاطفية لتشارلز.
تخوض الرواية في العلاقات العاطفية أو (الحب) من وجهة نظر تشارلز، وفي حين أنها تبدأ باعلان تقاعده وانتقاله الى عزلة القرية البحرية وبيت الأشباح الذي لا يعرفه أحد "شراف إند"، لكنها تزدحم فجأة بالشخصيات النسائية، العشيقات السابقات، والعشّاق أيضا! وهكذا نجد أنفسنا في وسط كوميديا عاطفية من العلاقات المثلثة والمتداخلة أ يحب ب ب يحب ج ج يعلم الله من يحب أو إن كان يعرف الحب أصلا!
لكن أبرز هذه العلاقات والتي تبلغ معها القصة ذروة اثارتها هي المحبوبة القديمة لتشارلز من أيام الطفولة، تلك التي ضاعت منه مرة في الشباب، والآن في شيخوختهما يلتقي بها بضربة حظ، ويسعى بجنون "حرفيا" لاستعادتها.
ان هذه الرواية تكشف نوعا فريدا من ما يسميه الناس الحب، مما يمتلأون بالقناعة بصدقه، وأهميته لهم، حتى عندما كانوا يعيشون سعداء بدونه أربعين عاما. نرى الحب والشغف مختلطان بالهوس والجنون والأنانية والغيرة، ونراقب تشارلز يعبر من هدوء الحياة الى عاصفة العاطفة.
أسلوب السرد يعتمد على الوصف الشاعري الخارجي المفصّل لكل مكان ولكل شيء حتى يعطيك الاحساس بالمكان، وهو أيضا يغوص في عمق أفكار ومشاعر تشارلز (الراوي) ببراعة. شعرت بايقاع الحدث كأمواج البحر التي تشكل بيئة الرواية، تنخفض حينا وترتفع حينا، وبدت كالموسيقى. لقد استمتعت بوجودي هناك في بيت شراف اند بقرب البحر.
هناك نفس عال من السخرية والكوميديا في الرواية وهي تدفعك للضحك في مقاطع عديدة. وكأن كل ما سبق لا يكفي، تضيف مردوخ لروايتها جانبا ميتافيزيقيا بترك بعض المسائل عالقة في غموض احتمالات ما وراء الطبيعة.
حازت الرواية على البوكر ومن المؤكد أني سأعطيها البوكر أيضا لو سألوني....more
ثمة روايات مثل هذه، ورواية (حينما بكى نيتشه) تضعك في حالة اسئلة وجودية صعبة كنت لأفضل عدم مواجهتها. لا اعرف ان كانت الرواية هي السبب ام حالتي النفسية ثمة روايات مثل هذه، ورواية (حينما بكى نيتشه) تضعك في حالة اسئلة وجودية صعبة كنت لأفضل عدم مواجهتها. لا اعرف ان كانت الرواية هي السبب ام حالتي النفسية ام الاثنين لكني أشعر أن هذا الكتاب يجعل الحياة تبدو أكثر وضوحا، أكثر ثقلاً على كاهلي. ولا يعني هذا ان قراءتها لم تكن ممتعة، بل العكس، خاصة اذا كنت مستعدا لطريقة سرد مختلفة عن المعتاد.
"الطريق خط يربط نقطة بأخرى. الدرب تكريم للمكان. كل جزء من الدرب له معنى ويدعونا للتوقف. اختفت الدروب من روح الانسان. لم يعد يرغب بالسير في الدروب واستخلاص المتعة. لم تعد حياته درباً، بل طريق يقود من نقطة الى أخرى. من زوجة الى ارملة."
تقسم الرواية الى عدد من الفصول، ويبدو لكل فصل منها كيانه المستقل، قصته وشخصياته وفكرته وبنهاية كل فصل يبدو كما لو أن قصة قد خُتمت، لكنها تشكل فعلا كيانا مرتبطا، كما هي قصصنا في الحياة. كونديرا ذاته احد هذه الشخصيات وبما يشبه الارباك الجميل (وليس الارتباك خارج نطاق السيطرة) تتداخل الشخصيات المتخيلة والواقعية على ثلاثة مستويات: ١-الواقع - مستوى وجود كونديرا ٢- المتخيل - مستوى وجود شخصيات الرواية التي يكتبها كونديرا ٣- التاريخ - مستوى استعادة سردية لتاريخ علاقة غوته وبتينا، كما لو في احد تلك الاعمال الفوتوغرافية ثلاثية الابعاد ذات التداخلات المستحيلة، تتقاطع مصائر كونديرا وشخصيات الواقع مع شخصيات في روايته التي يكتبها. في الفصول المختلفة تستمر قصة/حياة الشخصيات أنييس وزوجها واختها وابنتها ولكن في كل مرة من زاوية مختلفة، لأن الكاميرا (اذا امكنني قول هذا) ليست مهتمة بتسليط الضوء على شخصية رئيسة.
يظهر كونديرا بصوته كراوي منذ الفصل الاول ليخبرنا كيف جاءت فكرة خلق شخصية الرواية آنييس من حركة يد شديدة التأثير لسيدة مسنّة، وتدور فكرة الفصل حول الوجه باعتباره التعبير عن فردية الشخص وعنوانه، وهي فكرة لا تقنع آنييس التي ترى ان الانسان ليس وجهه، أن هذا ما يدفع البعض الى ابتكار عناوينهم الخاصة التي تقول (انا هنا) من خلال صوت مرتفع، أو حركة شديدة الخصوصية.
في الفصل الثاني (الخلود) ينتقل الى سرد علاقة غوته بامرأة شابة هي بتينا تبدو متطفلة على حياته لكنها مصرّة على على الحفاظ على اتصال خيطها به، ويحاول كونديرا ان يشرح لنا كيف ان هذه ليست علاقة حب بل علاقة رغبة بالخلود، بتينا التي ترغب بأن ترتبط بهذا الصاعد الى المجد، وغوته الذي يخشى من خطرها وقدرتها على تحويل خلوده الى "خلود مضحك" من خلال تشويهه بنكتة سمجة تشيع وتشتهر لتطغى وتصير عنوانه.
"يستطيع الانسان وضع حد لحياته، لكنه لا يستطيع وضع حد لخلوده."
في بقية الفصول يعزف كونديرا على هذه الفكرة وعلى تساؤلات اخرى يضع شخصياته في مواجهتها. انه يتحدث عن قدرة الصورة الانطباعية على البقاء طويلا وربما اكثر مما نرغب، عن قدرية الحياة، عن معنى الحب، الحاجة الى الوحدة، ويرسم ببطء ذهاب شخصياته الى تلك اللحظات التي تنكشف فيها البصيرة.
يصف فرانسوا ريكار الرواية في مقال تحليل جميل ملحق بالرواية "مجموعة من القصص المستقلة عمليا التي لا يمكن لتقاطعاتها ان تعود الا للمصادفة.... في كل لحظة يلتقي هذا الدرب بدرب آخر أو بعدة دروب أخرى، تارة يتقاطع معها وأخرى ينفصل عنها في اتجاه غير متوقع."
الرواية كوحدة متكاملة عمل رائع ولكني ربما بلغت قمة دهشتي في الفصل الخامس المعنون ب "المصادفة" وهو الفصل الذي شعرت فيه بعبقرية كونديرا في حبك رواية ليس لها حبكة واضحة. الفصل المعنون (ميناء الساعة) كان الوحيد الذي فشل في الحصول على اهتمامي
كما في معظم رواياته وربما بشكل أوضح هنا، لا يتم سرد الحدث دون التقديم لعرض اسبابه وتفسيراته ومعانيه، وهو ما يجعل محاولة تلخيص ما حدث في الرواية تحايلا لا يفي بحق ما أراد قوله كونديرا....more
أنهيت هذه الرواية لأتمكن من كتابة رأيي بدون أي شكوك في جودتها: ليست جيدة. واحدة من اهم المباديء الإسلامية تدور حول جهاد النفس، معاندة الشهوات، واستخدامأنهيت هذه الرواية لأتمكن من كتابة رأيي بدون أي شكوك في جودتها: ليست جيدة. واحدة من اهم المباديء الإسلامية تدور حول جهاد النفس، معاندة الشهوات، واستخدام العقل للتحكم في الهوى بدلا من العكس فهذا ما يميز الانسان عن الحيوان. هذه الرواية تحاول اقناعي بالعكس. تحاول اقناعي أن المهم ان نعيش الحب، ونلبي رغباتنا النفسية والجسدية، ان هذه هي الطريقة الوحيدة لنعرف السعادة في الحياة، ولنصبح أحلى ونحتفظ بشبابنا. واذا كان هذا يعني خيانة ثقة الزوج والأولاد، فليكن. واذا كان هذا يعني الشذوذ فليكن. الرواية سرد مفتوح لسيرة حياة نهلا بالتركيز على علاقتها بجسدها منذ تفتح ادراكها لشهوات الجسد، ومن ثم علاقتها العاطفية بالمسيحي هاني، وزواجها من رجل آخر دون أن تحبه، واستمرارها في علاقتها بهاني رغم مرور السنوات. ايضا نعرف عن صديقاتها وعن علاقاتهن العاطفية التي لا تختلف كثيرا عنها فمعظمهن يعرف العشيق بالاضافة إلى الزوج، واثنتنان منهن يعشن علاقة عاطفية متبادلة باعتبارهن شاذات.
ولأنها تتقافز في الزمن فتبدأ من النهاية، اجتماع الخليلين (نهلا وهاني) بعد طول فراق وبعد مشيب العمر، وبعد علاقات عاطفية متعددة عابرة، ذكرتني بالحب في زمن الكوليرا فيما عدا ان الطرفين هنا اشتركا في تزجية وقتهما بالعلاقات العابرة.
الرواية تحاول اكتشاف هذا الذي اسمه الغرام من خلال سرد قصص هذه العلاقات العاطفية، وتركز على حاجة المرأة للحب، لا العذري فقط بل والجسدي. تسقط احدى الصديقات في المرض فتنصحها صديقاتها بالعلاج الناجع: "قومي حبّي!" استغرب هذا الترويج للخيانة، ليس لأنها محرمة في الاسلام، بل مرفوضة في جميع الاعراف الدينية والانسانية، الالهية والوضعية! ولا يمكن اقناعي ان الخيانة تجعل الانسان يشعر انه افضل!
لم يعجبني أن علوية تحدثت في البداية عن البيئة الشيعية التي نشأت فيها نهلا، ولكنها تحدثت عنها بشكل سطحي جداً كما لو أنها لا تعرفها!
ايضا حيرني مرورها السريع على قضية تقدم هاني (المسيحي) لخطبة نهلا (المسلمة) ورفض اهلها له. كان المرور سريع بدون اي استطراد ولم تثر اي نقطة هنا حول اختلاف الاديان وعلاقتها الشائكة بالعلاقات العاطفية.
الفكرة لم ترق لي ولم تنجح في التواصل معي. لغة السرد جميلة، لكن الاسلوب كان خاليا من التشويق، خصوصا مع عدم معرفتي كقاريء إلى أين تتجه هذه الرواية. حين اضع الرواية جانبا اجد صعوبة في العودة إلى اكمالها. بالقرب من الفصول الأخيرة كنت قد مللت تماما واصبحت اريد الانتهاء منها وحسب. الغلاف شي حلو.
من الجيد ان هذه الرواية قد تم استبعادها من القائمة القصيرة للبوكر. لا تستحق. ...more
هذا الكتاب هو سيرة شخصية للكاتب يهودي الاصل ستيفان زيفايغ، لكنه بدلا من الغوص في الحياة الشخصية والبيئة الصغيرة لكاتبها تنطلق ابعد من ذلك لتكون سيرة لهذا الكتاب هو سيرة شخصية للكاتب يهودي الاصل ستيفان زيفايغ، لكنه بدلا من الغوص في الحياة الشخصية والبيئة الصغيرة لكاتبها تنطلق ابعد من ذلك لتكون سيرة للتحولات من زمن السلم الى زمن الحرب في اوروبا، سيرة للمجتمع النمساوي ولحياة المواطن/المبدع اليهودي في اوروبا.
يبدأ بالحديث عن عالم دول اوروبا ما قبل الحرب العالمية وكيف كانت تعيش عصرا ذهبيا من الاهتمام بالثقافة والاداب الانسانية والتطور العلمي، وتعيش عهدا مستقرا نسبيا من احترام الحقوق المدنية، هذا الاستقرار والتطور الذي قادها الى احراز نوع من القوة لم يلبث ان تحول الى جشع سلطوي قاد الى الحرب. بالنسبة لستيفان كانت الفكرة/الحرب حتى وقت اندلاعها لا تزال غير قابلة للتصديق في عالم يعترف بمعاهدات السلام وبالحوار والتصالح.
ثم يصف الاندفاع الجماهيري الحماسي للحرب عند اعلانها بسبب ثقة لم يتم التشكيك فيها في السلطة، وبسبب نظرة رومانسية للحرب بالنسبة لأجيال طال العهد بها عن حروب سابقة. ولأن الكاتب قد شهد حربين فهو يعقد الكثير من المقارنات بينهما بما في ذلك المقارنة بين اجواء الاندفاع الحماسي الى الحرب العالمية الاولى وكيف ان الحماسة قد اختلفت في حالة الحرب العالمية الثانية نتيجة لفقدان الناس الثقة في أكاذيب السلطة وادراكهم للمعنى الحقيقي المر والبشع للحرب والصراع السياسي. يقارن بين يقظة ضمير العالم وقدرة الكلمة على التأثير في الحرب الأولى في حين لم يعد بوسعها فعل الكثير امام الضمير المنهك في الحرب الثانية.
يصف التحولات السياسية والاقتصادية في المجتمع بعد الحرب الأولى، ويقدم تفسيره للكيفية التي وصل بها هتلر للسلطة، وعن الانقلابات المريرة في حياته الشخصية وفي بلده التي قادته للمنفى.
وهي ايضا سيرة للكاتب وكيف نمت حرفته، بدايته مع الكتابة في شبابه وفي حين أن سواه من الشباب قد نسوا أمر الكتابة والابداع حالما أنهوا المرحلة الدراسية إلا أنه استمر. يتحدث عن كتابه الأول، يعترف بأخطائه، وعبر رحلاته ولقاءاته مع مبدعين اوروبا كيف تطورت افكاره واعماله، ويصف الوصول الجميل الى قمة من النجاح في الوصول الى آلاف القراء في اوروبا، قبل أن تحل النهاية بتحول كتبه وأعماله الى ممنوعات في زمن النازية. وهو يقدم شهادة شخصية ايضا على عدد من مبدعين اوروبا الذين التقى بهم او عمل معهم: ريلكه، شتراوس، بازلجيت، رومان رولان، وغيرهم.
أن أهمية هذه الشهادة وقوتها تأتي من كونها صادرة عن شاهد على العصر عاش الأمر كله، شاهد عانى ويلاتها حتى دون أن يذهب للجبهة، وهو غير منحاز ولم يبذل الكثير ليؤيد طرفا دون آخر في الحرب. وهو شاهد يتحلى بالوعي الكافي ليقول أن الحرب ذاتها هي العدو.
وجدت رتم بعض الفصول في البداية بطيئا، وهي الفصول التي اراد ان يبقي فيها تفاصيل ذكرياته عن شكل ذلك الزمن الجميل الذي يحن له، زمن ما قبل الحرب، عالم الأمس.
انتحر ستيفان زيفايغ قبل نهاية الحرب العالمية الثانية وتنتهي ذكرياته في العام 1942. ربما يكون اكثر ما يؤلم في الفصول الاخيرة التي تصف فظاعة النازيين تجاه اليهود ومحنة اللاجئين هو قدرتك على ان تطابقها بواقع لا زلنا نعرفه بعد سبعين سنة، وقدرة العالم على الاستمرار في سير حثيث نحو الحرب دون ان يبدو انه قد تعلم شيئا....more
لوصف الرواية سأستعين بافتتاحية أورهان باموك لروايته (الحياة الجديدة) حيث تبدأ تلك الرواية بهذه العبارة: (قرأقطار الليل إلى لشبونة للكاتب باسكال ميرسييه
لوصف الرواية سأستعين بافتتاحية أورهان باموك لروايته (الحياة الجديدة) حيث تبدأ تلك الرواية بهذه العبارة: (قرأت ذات يوم كتابا، فتغيرت حياتي كلها).
ان هذه هي ثيمة رواية قطار الليل إلى لشبونة، فقد قرأ غريغورز كتابا غير حياته. ان ما أثار انتباهي في البداية هو التشابه بين الروايتين في جانب اللجوء إلى رحلة فعلية، حين يكون الانسان متجها إلى نفسه. في الحياة الجديدة يركب الراوي الحافلات تلو الاخرى بحثا عن الحياة الجديدة، ذاهبا الى ذلك المكان الذي يمكنه انه يجدها فيه. وفي قطار الليل يركب غريغورز قطارا نحو لشبونة (ومن بعده قطارات أخرى من مدينة الى اخرى) بحثا، عن حياة أخرى، حياة تبدو ظاهريا انها حياة شخص آخر، حياة برادو كاتب الكتاب الذي شده وحركه في الاعماق، الذي لمسه شخصيا، لكنها في حقيقتها قد تكون رحلته نحو نفسه، آماله، وأحلامه الدفينة.
وقبل التسرع بالقول أن باسكال قد أخذ فكرة أورهان، أو العكس، (والروايتين شديدتي التباين كل بطريقتها في العرض والفكرة) يجب الالتفات الى أن تلك الفكرة ما يمكن اعتباره "فكرة كونية". وأقصد، ذلك الانجذاب إلى القيام برحلة، السفر الى مكان جديد، الانتقال الى منزل جديد أو عمل جديد، عندما تكون الحقيقة أن صوتا في الوعي أو اللاوعي يقودنا في رحلة باتجاه حياتنا الجديدة، أو باتجاه اكتشاف أنفسنا. أحيانا نحتاج الى ركوب حافلة أو وسيلة نقل لمساعدتنا على تحمل الرحلة باتجاه أنفسنا.
وبالعودة الى الرواية، فهي ببساطة تحكي عن غريغورز، بروفيسور اللغات القديمة في مدينة بيرن السويسرية، الذي تسير حياته بحساب دقات الساعة، يلتقي امرأة تلقي عليه ما يشبه تعويذة، كلمة برتغالية واحدة، تبدأ معها رحلته، يقرأ كتابا بالبرتغالية (اللغة التي كانت جديدة عليه) ويندفع في رحلة غير مبررة منطقيا ليترك حياته التي عرفها وراءه، ولينقب في حياة الكاتب، هذا الانسان الذي كتب أفكارا فلسفية بلغة شاعرية خاطبته هو شخصيا مباشرة، كأنما يكتب عنه.
يأخذ غريغورز قطار الليل إلى لشبونة، مدينة الكاتب برادو، الطبيب الذي تورط في المقاومة السياسية، وفي الحب غير المواتي، وفي الصداقات الشائكة، والعلاقات المعقدة مع والديه، وفي الذهاب في الحياة في اتجاه غير الذي يحب، بدافع الشعور بالواجب، ولم يجد خيرا من التعبير عما يعتمل بداخله سوى أن يصيغها في أفكار فلسفية عميقة. ومع غريغورز نذهب لنستمع الى الاشخاص الذين عرفوا برادو، ونقرأ هذه المقاطع التي دونها في رسائل وفي نصوص.
تنطوي القصة على شيء من التشويق، عبر الشخصيات والعلاقات التي تبدأ غامضة وتفك أسرارها بالتدريج، لكني وجدت ان الدافع الاكبر لمواصلة قراءة هذا العمل كان نصوص وأفكار برادو, تأملاته في العلاقات والحياة والنفس.
مقدمة كتاب (صائغ الكلمات) لأماديو برادو:
"Of the thousand experiences we have, we find language for one at most. . . . Buried under all the mute experiences are those unseen ones that give our life its form, its color, and its melody. Then, when we turn to these treasures, as archaeologists of the soul, we discover how confusing they are."
من الكتاب:
"الشعور ليس هو نفس الشعور عندما يأتي في المرة التالية، إنه يموت أثناء وعينا بعودته، إننا نمل ونتعب من مشاعرنا عندما تأتي بالتكرار."
"إننا نمكث هناك حتى وإن كنّا قد ذهبنا، وفي دواخلنا أشياء لا يمكن أن نجدها مرّة أخرى إلا عندما نعود إلى هناك، إلى نفس المكان. نحن نذهب إلى أنفسنا، نسافر إليها، يحملنا صوت الدوران الرتيب للعجلات إلى المكان الذي احتل مساحة من حياتنا." ...more
رواية من الأدب الامريكي الكلاسيكي، ومن أجمل ما قرأته في هذه الفئة. انها تحكي من خلال قصة حياة ستونر، حياة شخص عاش حياته بإخلاص، أخلص في واجباته بستونر
رواية من الأدب الامريكي الكلاسيكي، ومن أجمل ما قرأته في هذه الفئة. انها تحكي من خلال قصة حياة ستونر، حياة شخص عاش حياته بإخلاص، أخلص في واجباته بقدر ما اتيح له، أخلص في عمله وفي العناية بزوجته وطفلته، لكنه مع ذلك مضى دون أن يترك أثرا. وبالنسبة لكثيرين كان مجرد فرد، اسم وذكرى. لكأن هذه الرواية تطيح بدرجة ما بقيمة الاخلاص، وتقول ان الامر لم يكن ليفرق لو عاش حياته معطيا بعض الامور أهمية أقل.
وهي أيضا في جانبها الأهم ترسم معالم هذه الشخصية الفريدة (هل هي فريدة؟ يعاملها الاخرون كما لو كانت اعتيادية تماما وبلا مميزات). هي شخصية الرجل القادر على الانفصال عن واقعه، يبدو كشخص صبور قادر على ان يعيش حالة سلام داخلية بينما يعبر الجحيم. شخص استطاع ان يضع حاجز ذهني بينه وبين العالم. وبينما يتعرض للأذية في الخارج لا يسمح لأي منها ان يصله الى داخل روحه. ومع ان جسمه بدأ ينهار ويشيب ويمرض، بطبيعته المادية. لكنه غالبا ما كان يتقدم روحيا وابداعيا (كمدرس) كلما مر بمحنة جديدة.
ربما كان ما عبته عليه هو ان انفصاله الداخلي عن واقعه قد اتسم بالسلبية احيانا، هكذا استسلم لمرأى ابنته وقد اضحت شابة تؤذي نفسها بمعاقرة الخمر، لم يكن الشخص القادر على احداث تغيير، لقد ساير امواج الحياة دائما.
انها قصة حزينة ومثيرة للغضب، لكنك كقاريء تشعر بهذه العاطفة بدرجة اكبر مما يتيح لها ستونر ان تؤثر عليه. (view spoiler)[ وفي دورة الحياة التي رسمها جون ويليامز في هذه الرواية، ودون ان يكون هذا مباشرا، نرى كيف عادت دورة حياة ستونر، جفاف علاقة والديه، ابتعاده، عادت عبر ابنته التي سارت عبر ذات المسار بطريقتها. تساءلت ان كان ستونر عرف امسيات حميمة كطفل مع والده قبل ان يصلا مرحلة الصمت في علاقتهما. وهل كانت دوافع اديث عندما وافقت على الزواج بستونر تشبه دوافع ابنتها عندما دفعت بنفسها للزواج؟ ربما. (hide spoiler)]
هذه قصة مرعبة. أليس أم وزوجة وبروفيسورة محاضرة في جامعة هارفرد في علم النفس، يتم تشخيص اصابتها في الخمسين بالمرض المرعب المسمى بالألزهايمر، أو الخرف. هذه قصة مرعبة. أليس أم وزوجة وبروفيسورة محاضرة في جامعة هارفرد في علم النفس، يتم تشخيص اصابتها في الخمسين بالمرض المرعب المسمى بالألزهايمر، أو الخرف. تذهب الرواية لتصف لنا التدهور السريع على مدار اقل من سنة ونصف في الذاكرة والوعي عند أليس وكيف انتقلت من مرحلة نسيان كلمة قبل النطق بها، الى التوقف عن تمييز أفراد عائلتها، أبنائها.
تحاول الرواية جعلنا نعايش ونعرف شكل المرض، اعراضه وتأثيراته على حياة المصاب ومن يحيطون به، واعتقد انها تنجح تماما على هذا الصعيد، فالفوضى ماثلة بوضوح. وهي تحاول ايضا الغوص في اعماق افكار ومشاعر أليس التي ترى حياتها تتسرب من وعيها، وتتحول من المفكرة الذكية التي يتطلع الجميع لرأيها الى شخص يعجز معظم الوقت عن تحويل افكاره الى كلام منطوق، ولا يولي الاخرين اهمية لما تقول. مع ان الرواية حوت بعض المشاهد المؤثرة جدا لكني اعتقد انها بقيت على درجة من الجفاف والواقعية في وصف مريض وقد توقعت منها اكثر على صعيد العمق في مشاعر أليس وعاطفتها.
ان وصف انسان يفقد ذاكرته عن العالم يشبه وصف انسان يحتضر. انه موت بطيء وطويل ومؤلم. وبرغم ان هذا المرض لا يرتبط بالألم الجسدي لكنه يؤلم في صميم الروح، على الاقل في بداياته حين يكون المرء لا يزال واعيا للكارثة التي يتوغل فيها ببطء. انه على الأرجح أسوأ من الموت، فالموت لا ينطوي على اهانة، لكن الخرف يفعل.
اسلوب الرواية عادي وبسيط كما هو متوقع.
وهي رواية واقعية اذا تفترض احاطة أليس بعائلة محبة لكن منشغلة بالحياة، وهي تجعلني أفكر بحال الأشخاص الأقل حظا، الذين لا يحظون بأي دعم اذا يعبرون تجاه هذا الموت وحيدين....more
ثمة شيء جوهري يفتقده هذا الكتاب. القدرة على التواصل معي بعواطف أكثر تنويعا من الدهشة. القدرة على جعلي أشعر بشيء ما. الحزن. الفرح. الضحك. القلق.
هذه النثمة شيء جوهري يفتقده هذا الكتاب. القدرة على التواصل معي بعواطف أكثر تنويعا من الدهشة. القدرة على جعلي أشعر بشيء ما. الحزن. الفرح. الضحك. القلق.
هذه النصوص القصيرة جدا مسبوكة بعناية، بأناقة، ربما حتى بتكلف أحيانا. لكني أشعر أنها تهدف على الأكثر لاحداث صدمة أو انتزاع دهشة. وأنا اريد اكثر من الكتاب.
المجاز عال في النصوص والاحالات لشخصيات واعمال فنية كثيرة وتتطلب الماما من القاريء ليدرك مقاصدها، لذلك فإن عبارة مثل (يتضاعف تصميمه على أن يحسم أمره على طريقة همينغواي وليس فان كوخ) ستصل فقط لأولئك العارفين بمصير همينغواي وفان كوخ.
الاسلوب الواحد لصياغة العبارات والنصوص (الضمير الغائب والشخصيات البلا اسماء) جعلها تبدو وكأنها تتبع قالب تصميم واحد، ولم يكن هذا مفيدا لإثارة الحماس للقراءة.
بعض النصوص لم تعطني طابع حدوث قصة، بل كانت بالتحديد وصفا لحالة. (السفر خارج هوليوود مثلا)....more
رواية قصيرة ومتسارعة، تروى بزمنين متداخلين، هناك زمن الحاضر الذي يواجه فيه روبرت محاكمة بجريمة القتل، وزمن الماضي القإنهم يقتلون الجياد .. أليس كذلك؟
رواية قصيرة ومتسارعة، تروى بزمنين متداخلين، هناك زمن الحاضر الذي يواجه فيه روبرت محاكمة بجريمة القتل، وزمن الماضي القريب الذي يتحدث فيها عن التجربة التي قادته إلى كرسي الإتهام.
روبرت وغلوريا شخصين التقيا بالصدفة أثناء بحثهما عن عمل في هوليوود، وذهبا إلى المشاركة في أحد سباقات الرقص التي تمتد لأسابيع يرقص فيها المشارك دون رحمة. نعرف أن دافعهما المال، وما يتوفر لهما من طعام وإقامة مجانية. تروى الرواية بالكامل تقريبا أثناء الرقص، نعرف كيف تبدو الحلبة وظروفها و ونشاهد السباق العبثي المجنون، والجماهير المتعطشة للإثارة، نراقب انحدار النفس حتى وصلت إلى حد عدم الاكتراث بمن يسقط/ينهار في الخلف، التخلي عن الكرامة، المهم أن تمضي بإتجاه خط النهاية وضمان البقاء في السباق. لقد كان هذا أشد الأشياء حزنا في الرواية.
مع أنهما شريكان في الرقص، يرقصان بإتجاه ذات الهدف، لكننا نرى أنهما نقيضان. فبينما يرقص روبرت وفي ذهنه أحلام الثراء والعمل السينمائي، نجد غلوريا شخصية غاضبة من الحياة والعالم، يائسة، ومنشغلة بالموت. لقد تساءلت كيف يمكن لشخص يائس أن يواصل السباق كل هذا الوقت. بأي دافع؟ ربما لو قلبت السؤال على عقبيه لكان السباق نفسه هو الدافع الوحيد للبقاء على قيد الحياة، وتأجيل الموت.
تحمل الرواية رمزية عالية برأيي. فهي حين تصف ماراثونات الرقص، تشبه بطريقة ما ماراثونات عبثية نترك أنفسنا لها في الحياة، حين نضع الوقت والجهد (بينما يضيع الشغف بالحياة) في خدمة رقصة عبثية ننال من وراءها الطعام والنوم، وبعض الخردة. إنها أيضا تقول شيئا عن قدرة الإنسان وإرادته من ناحية، فهؤلاء الأشخاص في الرواية استطاعوا الرقص أكثر من 700 ساعة متواصلة، وتجاوزوا اللحظات التي فشلت فيها أجسادهم، لقد كانوا مصرين أشد الإصرار على ”البقاء في السباق“ وليس بالضرورة الفوز. لكنها أيضا تكشف كم من الأشياء سيتخلى عنها الإنسان، بما في ذلك الكرامة، والقيمة التي يضعها لأسمى العلاقات الإنسانية، من أجل تحقيق أهداف مادية ضئيلة. ويبدو من الرواية أن هؤلاء الأشخاص كانت تحركهم الحاجة أكثر مما حركهم الجشع. أما نهايتها، فقد يكون معناها: حين يكون الرقص وحشيا، يمكن للقتل أن يكون رحمة.
أظن أن الحياة حافلة بالسباقات على غرار هذا، وأنها قد تتحول إلى رقصة عبثية جوفاء لو ترك الإنسان نفسه لإستعباد الحاجة، الطعام والنوم. لكنها يمكن أن تكون شيئا أكثر قيمة لو كانت من أجل معنى*. ويحدث أن تجد نفسك تركض/ترقص وقد تحوّلت بكلك إلى قدم تتحرك، غير قادر/راغب بالإستسلام. وإذا كنت تملك هدفا نبيلا ترقص لأجله، فربما يحميك هذا من انحدار نفسك، ويسمو بك.
هذه رواية سياسية تاريخية محبوكة ببراعة سردية مميزة. وهي تأخذنا ببطء نحو الحدث الذي نعرف بحتمية وقوعه، ترسم لنا التفاصيل الدقالرجل الذي كان يحب الكلاب
هذه رواية سياسية تاريخية محبوكة ببراعة سردية مميزة. وهي تأخذنا ببطء نحو الحدث الذي نعرف بحتمية وقوعه، ترسم لنا التفاصيل الدقيقة التي قادت إليه، الظروف والشخصيات والأحداث التي تضافرت طوال سنوات بطيئة حتى قادت إلى حادثة اغتيال تروتسكي على يد رامون ميركادير.
عبر ثلاث محاور يأخذنا بادورا في روايته. في المحور الأول يسرد فصولا من حياة تروتسكي تبدأ مع بداية رحلة نفيه خارج الاتحاد السوفييتي في أوائل الثلاثينات، ومرورا بذكرياته عن دوره في دعم الثورة البلشفية وفي تأسيس كيان النظام الذي انقلب عليه، وكيف تم تحويله إلى عدو الشعب، المتمرد المعارض الذي يتم نفيه إلى أقصى الأرض، ويرسم لنا الكاتب صورة التصميم والنشاط الثوري الذي واصل عليه تروتسكي حياته حتى آخر يوم فيها.
وفي المحور الثاني نتابع حياة رامون منذ صباه الأول، نعرف كيف خرج من بيت برجوازي وتحت تربية أم فوضوية ليصبح محاربا في الحرب الأهلية الاسبانية، ونتابع كيف يتم صنع انسان جديد من رامون، انسان جاهز لتنفيذ أشد الأوامر بشاعة، وغباء، وتهورا، إنسان مسلوخ الإرادة، مشبع ومدفوع بالكراهية ومستعد لفعل كل شيئ من أجل قضية يؤمن بها. يرسم الكاتب بدقة تفاصيل ذلك التحول الدقيق في شخصية الإنسان الواقع تحت تأثير فكرة وتحت تأثير الكراهية، ونرى كيف يتم استغلاله بلا حدود. كنت قد انتهيت قبل هذه الرواية من قراءة كتاب (المؤمن الصادق) وقد بدا لي رامون نموذجا تطبيقيا مثاليا لما وصفه هوفر في كتابه. لقد رسم الكاتب شخصية رامون ببراعة من ناحية المشاعر والأفكار والتحولات في كل موقف من حياته، ولا سيما في ذلك المشهد الأخير في مكتب تروتسكي.
وفي المحور الثالث، الأقل مساحة في السرد، نتابع قصة إيبان، الكاتب الكوبي، المواطن الشيوعي الذي كان ذاته ضحية بطريقة ما للنظام، والذي سنحت له فرصة اللقاء بالرجل الذي يحب الكلاب، والذي منحه تفاصيل القصة الكاملة لرامون، فكتبها.
تتنقل الفصول بين هذه المحاور، فيما يمضي الزمن بطيئا للأمام، ونرى كيف تقترب مصائر الشخصيات وتتقاطع، إنها تبدأ بعيدة في البداية (الاتحاد السوفيتي، اسبانيا، كوبا) وتقترب حتى تتقاطع في ذلك البيت في كويواكان - المكسيك حين وقف رامون وراء تروتسكي في مكتبه حاملا الفأس. في الفصول الأخيرة التي تلتقي فيها الشخصيتان يواصل الكاتب لعبته السردية عن طريق سرد المواقف ذاتها من وجهة نظر كل شخصية لنفاجأ بالبون الشاسع بين رؤية كل منهما للمشهد ذاته.
من خلال قصة هذه الشخصيات يكتب بادورا سيرة للنظام السوفييتي، وللفكرة الطوباوية التي قامت من أجلها الثورة البلشفية، وكيف استحالت وتشوهت تحت أيدي أشخاص جشعين للسلطة مثل ستالين، راسما صورة دقيقة لواقع القمع، التهم المخترعة، والمحاكمات غير العادلة، والتعذيب، والاعدامات لرجال خدموا وأسسوا النظام ذاته. يرسم صورة للخسارة التي تشمل الجميع، حيث لا رابح في هذه اللعبة. وفي فصول من الرواية يتحدث عن تفاصيل الحرب الأهلية الأسبانية ويقدمها بصورة ساعدتني على فهم تعقيداتها، بما في ذلك تدخلات النظام السوفيتي لنشر أفكار الثورة البلشفية خارج حدوده.
ربما اعتقدت في البداية أن هذه الرواية تتحدث عن قصة جريمة قتل، قاتل وقتيل، ولكن التفاصيل التي قدمتها جعلتني أشعر بتداخل دور الضحية والجلاد في هذه القصة، فحتى القاتل المبرمج هو ضحية بطريقته، وهو ينتزع شيئا من الشعور بالشفقة لأجله، كما أن الضحية ليست بريئة بالمطلق. وهما متشابهان في بعض الأشياء، في إيمانهما بقضية يعملان بكل طاقتهما نحوها، رغم أنهما يعملان في اتجاه متعاكس، ومتشابهان في الطريقة التي انتهى كليهما إلى أن يكون منفيا مرفوضا في كل العالم.
رغم بطء الحدث، والتقدم البطيء في مسيرة صناعة شخصية رامون، وزخم الأحداث السياسية والشخصيات في هذه الرواية، لكنها ومع اقتراب الحدث الدموي فيها تصبح في ثلثها الأخير مثيرة للتوتر، كحرب أعصاب شديدة السخونة. وينتقل للقاريء توتر رامون واشتعال ذهنه بالرغبة لحسم مصيره.
الترجمة تستحق جائزة الأوسكار، فاخرة كما لو أنها لغة العمل الأصلية. شكرا لبسام البزاز....more
أنهيت الكتاب البارحة وقد نال اعجابي بشدة، باسلوبه السردي وترجمته الممتازة، وطبعا بالمقاطع المهمة والمؤثرة من حياة تشي. الكتاب يعتبر ملخص لسيرة تشي وينقأنهيت الكتاب البارحة وقد نال اعجابي بشدة، باسلوبه السردي وترجمته الممتازة، وطبعا بالمقاطع المهمة والمؤثرة من حياة تشي. الكتاب يعتبر ملخص لسيرة تشي وينقسم إلى خمسة فصول تستعرض: -طفولته وشبابه -رحلته في انحاء امريكا اللاتينية -انضمامه للثورة حتى الانتصار في كوبا -ما بعد الثورة واجتهاده في التنمية الاقتصادية -الانتقال لمرحلة تصدير الثورة والصراع في بوليفيا، ثم الموت.
أعتقد ان كل واحد من هذه الفصول يمكن التفصيل حوله في كتاب كامل حوله، لكن بالنسبة لشخص يريد أن يتعرف على تشي ولا يعرف عنه سوى اسمه وصورته فهذا الكتاب يقوم بالمهمة بشكل ممتاز.
من المثير للإهتمام أن تشي كان مهتماً بالشعر وخصوصا خوسيه مارتي وبابلو نيرودا وقد كان يقتبس منهما في أحاديثه، كما ان ارنست همنغواي من كتّابه المفضلين! ...more
سيد الخسارات هي رواية الشخصيات، والظرف، والحالة الانسانية عندما توضع في مختبر التحليل. ليست رواية الاحداث، او التطور الدرامي الواضح.
ما الذي تحلله العمسيد الخسارات هي رواية الشخصيات، والظرف، والحالة الانسانية عندما توضع في مختبر التحليل. ليست رواية الاحداث، او التطور الدرامي الواضح.
ما الذي تحلله العمار في هذه الرواية. هناك عدد من العلاقات العاطفية المتشابكة، وربما أكثر مما يلزم في بداية الفصول، لكن ضوء المسرح ما يلبث ان يتركز على العلاقة المرتبكة لسيرين وعلي، وعلى الهامش منها سيرين وعبدالعليم، عبد العليم ولمياء. انها تبحث فيما قد يقرّب أو يبعد هذه الأرواح المنهكة، الراغبة والمقاومة في آن، لسكينة الحب. تذهب الى الخلفيات الثقافية والاجتماعية المتفاوتة التي من بينها ظهرت علاقة تتظاهر بأنها قادرة على أن لاتهتم.
وهناك أيضا تلك الأرواح الساعية الى فرصة ما في الحياة، سلمان بصراع ديكته، ابتسام التي تخبز حزنها في الكعك، وفريال التي تسرق روائح العطور في أثناء المعانقات.
أعتقد أن المشهد الأجمل كان أثناء استلقاء علي وسيرين على العشب يتأملان الطائرات بينما كيمياء علاقتهما يجري تفكيكها بواسطة الراوي (ما بينهما ليس شعورا واحدا، ثمة خوف يحفر عميقا. هشاشة. التباس. تفسيرات خاطئة. هناك أيضا شعور سري بالمهانة. لا أحد منهما يدري. .. كلاهما طموح. كلاهما يتألم من أشياء لم يتم البت في معالجتها. كلاهما يخفي الارتباك، قلة الصبر، وقلة الثقة. كلاهما يقاوم شيئا عنيفاً. كلاهما ذاق الاحساس بأنه مرغوب به.)
وجدته متوقعا من العمار تركيزها على بنية الشخصيات، الخارجية والنفسية. أستطاعت أن تزرع التفاصيل وترسم لها حياة وصلات. لكني افتقدت الحدث، والتشويق المطلوب لقلب الصفحات.
وجدت أن الرواية حفلت بشخصيات وعلاقات لم تنمو مع امتداد الرواية (مثلا جمانة، لمياء، وفيصل). كان صوت عبدالعليم مقتضبا في الرواية، كأنما بإرادة شخصية، مارس الكتمان، وهكذا لم أستطع معرفة وجهة نظره في علاقته بسيرين. كم أردت لو أعرف رأيه. ربما يعني ذلك، أنه بينما سيطر على تفكيرها، لم تكن حتى فكرة بالنسبة له.
أظن أن المزيد من التحكم بالأصوات كان بإمكانه اخراج الرواية بشكل أجمل. تسرد فصول الرواية عبر السارد الغائب، ومن وجهة نظر شخصيات الرواية، ولكن في الفصل الواحد قد يتداخل صوتين لشخصيتين مختلفتين.
Loading...
