تقرير اخباري: بحث وتطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية بحاجة إلى تعاون دولي وثيق

11 مايو 2021/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أصدر بنك التسويات الدولية مؤخرًا تقريره الاستقصائي السنوي الثالث حول العملات الرقمية للبنك المركزي. ويوضح التقرير أن البنوك المركزية في العديد من البلدان والمناطق تدرس نشر العملات الرقمية للبنك المركزي، وتبدأ أو تسرع في البحث والتطوير للعملات الرقمية من أجل الامتثال لاتجاه تطوير التكنولوجيا المالية العالمية. وأشار الخبراء إلى أنه، بشكل عام، تنتقل أبحاث البنوك المركزية للعملة الرقمية من الهيكل المفاهيمي إلى مرحلة تجريبية محددة، ولكن قد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل اعتماد العملة الرقمية للبنك المركزي رسميًا.

وتيرة البحث والتطوير في تسارع مستمر

كانت الصين دائما ًالرائدة في تطوير العملة الرقمية للبنك المركزي. في عام 2014، أنشأ بنك الصين الشعبي فريقًا مخصصًا لإجراء بحث خاص حول قضايا مثل إطار إصدار العملة الرقمية، والتقنيات الرئيسية، وبيئة الإصدار والتداول، والخبرة الدولية ذات الصلة. وفي نهاية 2019، تم تجريب الرنمينبي الرقمي في شنتشن، وسوتشو، ومقاطعة شيونغان الجديدة، وتشنغدو، وبدأ الاختبار التجريبي في مشاهد الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وبحلول أكتوبر 2020، تم إضافة ستة مناطق اختبار تجريبي في شنغهاي، وهاينان، وتشانغشا، وشيان، وتشينغداو، وداليان. وفي الوقت الحاضر، تستمر سيناريوهات تطبيق الرنمينبي الرقمي في التوسع، بحيث تغطي بشكل تدريجي مدفوعات الحياة، وخدمات التموين، والنقل، والتسوق، والاستهلاك، والخدمات الحكومية وغيرها من المجالات.

كما أعلنت البنوك المركزية في اليابان وتايلاند وروسيا أنها ستبدأ اختبار العملة الرقمية للبنك المركزي من نهاية هذا العام إلى النصف الأول من العام المقبل. وأعلن بنك إنجلترا ووزارة المالية أنهما سيشكلان بشكل مشترك مجموعة عمل العملة الرقمية للبنك المركزي لتنسيق وتعزيز استكشاف العملة الرقمية للبنك المركزي ودفعها إلى الأمام.

وفي 14 أبريل، أعلن البنك المركزي الأوروبي عن نتائج المشاورات التي استمرت ستة أشهر بشأن اليورو الرقمي، واستكشف بنشاط العملة الرقمية للبنك المركزي. وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد سابقاً:" هذا جهد تقني، وتغيير أساسي أيضًا. ونحن بحاجة للتأكد من عدم تدمير أي نظام، ولكن لتحسين هذا النظام."

ومن بين أكثر من 60 بنكًا مركزيًا شملهم الاستطلاع من قبل بنك التسويات الدولية حول العالم، زادت نسبة البنوك المركزية المشاركة بنشاط في عمل العملة الرقمية للبنك المركزي بنحو الثلث في السنوات الأربع الماضية، لتصل إلى 86٪ حاليًا. ويتوقع بنك التسويات الدولية أن بعض البنوك المركزية ستصدر عملات رقمية للبنوك المركزية في السنوات الثلاث المقبلة.

تسهيل تطوير التمويل الشامل

شهدت وتيرة تطوير المدفوعات الرقمية تسارعاً خلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، مما ضخ زخمًا جديدًا في تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية في مختلف البلدان، وزاد تفضيل الجمهور للدفع بدون تلامس. وفي الوقت نفسه، يمكن للعملة الرقمية حماية الخصوصية الشخصية بشكل أفضل أيضًا، ويمكن أن تساعد في التعافي الاقتصادي باعتبارها أداة تكميلية لمدفوعات التحويل الحكومية.

يعتقد التقرير الصادر عن شركة المحاسبة KPMG أن العملة الرقمية يمكن أن توفر مجموعة واسعة من الفرص، بما في ذلك تحسين كفاءة المعاملات وإدراك قابلية برمجة الأصول.

قال تيان شوان، نائب عميد كلية ووداوكو المالية بجامعة تسينغهوا، إن طرق الدفع النقدي ستتغير مع تطور الاقتصاد الرقمي تدريجياً من المدفوعات النقدية التقليدية إلى العملات الرقمية، والتي سيغير استهلاك الناس وأسلوب حياتهم إلى حد ما.

وأشار بنك التسويات الدولية إلى أن الشمول المالي عامل مهم في تطوير العملات الرقمية للبنك المركزي في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. على سبيل المثال، جزر البهاما، حيث يوزع أكثر من 300000 شخص على حوالي 30 جزيرة، بعضها بعيد عن بعضها البعض والبنية التحتية المالية ليست مثالية. وأطلق البنك المركزي لجزر البهاما برنامج " المال الرملي" لمساعدة الجمهور في الحصول على الخدمات المالية بسهولة أكبر. وتقوم الاقتصادات المتقدمة بالبحث وتطوير العملات الرقمية للبنك المركزي، والتي تولي مزيدًا من الاهتمام لكفاءة الدفع والسلامة.

وأشار تيان شوان إلى أن الدفع عبر الحدود يمثل نقطة ضعف في نظام الدفع الحالي، وتتمثل المظاهر المحددة في أن معايير الدفع الدولية الحالية ليست موحدة، ولا يمكن مزامنة عمليات النظام بشكل كامل، والمدفوعات التقليدية عبر الحدود باهظة الثمن، وتكلفة الدفع التقليدي عبر الحدود مرتفعة، ومستهلك للوقت وشفافية منخفضة. ومن المتوقع أن يؤدي تطوير العملة الرقمية إلى حل هذه المشكلات.

الحاجة إلى تعاون دولي وثيق

قال فابيو بانيتا، عضو اللجنة التنفيذية للبنك المركزي الأوروبي (ECB) فيما يتعلق بالعلاقة بين العملة الرقمية والنقد، إن المدفوعات الإلكترونية أصبحت أكثر شيوعًا، وستظل العملة الرقمية تضمن بقاء العملة السيادية في العصر الرقمي. وإن العملة الرقمية لا تعني نهاية العملة النقدية، وأنما ستكمله ولا تحل محله.

يعتقد روان تيانيو، باحث في قسم المالية في كلية إدارة الأعمال بجامعة سنغافورة الوطنية، أنه بالمقارنة مع المحفظة الإلكترونية للخدمات المصرفية عبر الإنترنت والمحافظ الإلكترونية لأداة الدفع التابعة لجهات خارجية، فإن العملة الرقمية للبنك المركزي يتم إصدارها من قبل البنك المركزي وهي مناقصة قانونية معتمدة من الائتمان الوطني. كما تساعد العملة الرقمية للبنك المركزي على تحسين فعالية السياسة النقدية وتعزيز قدرات مكافحة غسيل الأموال.

وبالنسبة للمخاطر التي قد يجلبها إصدار العملات الرقمية للبنك المركزي، أشارت التقارير البحثية للبنوك المركزية إلى أن المخاطر مثل الضغط على السوق المصرفية، وقمع اقتصاد الائتمان، وبدء عمليات التشغيل، يجب التعامل معها بشكل فعال. وفي هذا الصدد، قال روان تيانيو إن تأثير العملة الرقمية للبنك المركزي على النظام المالي يعتمد إلى حد كبير على طريقة إصدارها. وستضغط العملة الرقمية للبنك المركزي على المساحة المعيشية للبنوك التجارية إذا تجاوزت بشكل مباشر إصدار البنوك التجارية.

كما سيكون للعملة الرقمية للبنك المركزي تأثير على نظام الدفع العالمي أثناء عملية التنفيذ، الأمر الذي يتطلب تعاونًا وثيقًا بين البنوك المركزية في مرحلتي البحث والتطوير والإعداد. وفي فبراير من هذا العام، أطلق بنك الشعب الصيني، والبنك المركزي لتايلاند، والمصرف المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة مشروعًا بحثيًا متعدد الأطراف حول جسر العملة الرقمية للبنك المركزي لاستكشاف تطبيق العملة الرقمية للبنك المركزي في المدفوعات عبر الحدود. وفي المستقبل، ستعمل الصين على تطوير التعاون المتعمق مع الدول المشاركة في بناء "الحزام والطريق" في مجالات مثل البحث والتطوير والمشاريع التجريبية والمدفوعات الدولية.